إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الإسراء والمعراج

السير الأفقي والسير الرأسي

استلال حسام الولاية من غمد النبوة:


والنبي، بنهج نبوته (السنة)، إنما يزداد تيقظ شعوره، وصفاء فكره، فيزداد تحقيقه لولايته، ويزداد بذلك تأهيله لأداء رسالته.. وعن استمرار يقظته الداخلية قال (إنه ليغان على قلبي حتى استغفر الله في اليوم والليلة سبعين مرة) وقال: إنه غان أنوار لا غان اغيار).. يعني أنه حجاب فكر، وليس حجاب شهوة.. فكلما غشي فكره كدر استغفر، أو فزع إلى الصلاة، فتحقق له ساعة الصفاء، من مقام ولايته، (لي ساعة مع ربي لا يسعني فيها نبي مرسل ولا ملك مقرب).. وبهذا النهج، في نبوته، يرقي في مقام ولايته.. وبقدر ما يعي عن ربه في ولايته، بقدر ما يتأدب معه في نبوته، وبقدر ما يحسن أداء رسالته..
(والمعراج) إنما يفتح الطريق أما البشرية لترتفع من العمل بمستوى شريعة الرسالة على العمل بمستوى شريعة النبوة، حتى يكون لها حظ من حقيقته، وهي ولايته.. والمنهاج لكل أولئك هو (واتقوا الله، ويعلمكم الله، والله بكل شيء عليم)، فهناك التقوى في مستوى الرسالة، والتقوى في مستوى النبوة، والتقوى في مستوى الولاية.. او الشريعة، والطريقة والحقيقة.. أما الشريعة فهي قاعدة التكليف العام، وأما الطريقة فهي النهج المؤكد الذي كان يلزمه النبي في خاصة نفسه – السنة، والسنة شريعة وزيادة.. وأما الحقيقة فهي حالة القلوب من المعرفة بالله نتيجة للعمل بالشريعة، أو العمل بالطريقة.. فالذي يسعي ليكون له من الولاية حظ إنما يلزم نهج السنة – الطريقة_ والطريقة منفتحة على الحقيقة، بمعنى أن المجود في الطريقة يترقى فيدخل مقامات الشرائع الفردية، فتكون شريعته طرفاً من حقيقته، والشريعة الفردية هي أن يعيش العابد المجود علمه الذي هو ثمره عمله بالطريقة، فهو، بذلك، إنما يرتفع فوق مستوى الشرائع الجماعية، بما يلزم به نفسه من أخلاقية تناي عن التورط في مخالفات الشرائع الجماعية.. وهو يعمل في منطقة الحلال التي هي فوق منطقة القانون.