التمهيد الروحي بين عهدي الرسالة المحمدية (الرسالة الأولى) والرسالة الأحمدية (الرسالة الثانية):
لقد انثلمت بقبض النبي، تلك القمة التي كان عليها العهد النبوي، مما عبر عنه أحد الأصحاب بقوله: (ما كدنا ننفض أيدينا من تراب قبر رسول الله حتى أنكرنا قلوبنا).. وكان عهد أبي بكر، برغم خلافته الراشدة التي ظهر فيها على قدم الاتباع للرسول الكريم، وبرغم ما كان يحتفظ به المسلمون من قوة الدفع الروحي المكتسب من العهد النبوي، بمثابة نزلة عن ذلك العهد، فهو، في حد ذاته، خلافة (حوالة) عن ذلك العهد.. ثم جاء عهد عمر امتدادا لتلك الخلافة الراشدة، ولكنه كان، هو أيضا، بمثابة نزلة أخرى عن عهد أبي بكر نفسه، وذلك في خط التداعي الطبيعي في النزول عن العهد النبوي.. ولكن ذلك النزول لم يبلغ مداه على عهد الشيخين حيث استطاعا أن يحملا المسلمين علي الجادة هونا ما.. حتى كان عهد عثمان، وبخاصة آخره، بمثابة نزلة محسوسة حتى عن عهد الشيخين، حتى لكأنه رد فعل لعهد عمر، حيث أصاب المسلمون فيه شيء من اللين بعد تلك الشدة التي أخذهم بها عمر.. فقد أخذ حب الدنيا، والنزوع إلى السلطان، طريقه إلى القلوب، مما كان يستحيل معه رد المسلمين، مرة أخرى، إلى جادة الدين، فكان ما كان من أمر تلك الفتنة التي بدأت بمقتل عثمان، وانتهت إلى ما انتهت اليه من خذلان علي والخروج عليه، ومقتله، وخذلان آل البيت، وتقتيلهم، والتنكيل بهم، حيث تحولت الخلافة إلى ملك، فأخذ أمر الرسالة الأولى في التدهور السريع المطّرد، حتى بلغ مداه في أخريات الأيام، فتحققت في المسلمين نبوءة النبي الكريم: (يوشك أن تداعى عليكم الأمم كتداعي الأكلة على القصعة!! قالوا: أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء!! كغثاء السيل لا يبالي الله بكم!!).. وكذلك عاد المسلمون إلى جاهلية ثانية، لا يحتفظون فيها من الدين إلاّ بقشوره، وقد فرطوا في لبابه، شأن كل جاهلية، في كل فترة تسبق كل بعث ديني.. وذلك حتى يجيء البعث الديني، هذه المرة، في مستوى الرسالة الأحمدية (الرسالة الثانية )، بمجيء المسيح المحمدي – محقق الحقيقة المحمدية علي ظهر الأرض، كما هي النبوءة النبوية أيضا..
ولقد أراد الله تعالى فطم آل البيت عن الدنيا، في تلك الفترة التي أخذ فيها سلطان الدنيا يعلو على سلطان الدين، فاستقامت السلطة الزمنية لأهل الدنيا من دون أهل الدين.. ولقد كاد أهل الدنيا لعليٍّ أنكر الكيد، فواجه خيانة الولي، وكيد العدو، وهو محتفظ بخلق الدين.. فلم يكن يستبيح لنفسه مكرا ولا كيدا، ولا دهاء، وإنما كان يؤثر الدين الخالص، ويحتمل الحق مهما تثقل مؤونته، فلا يسالم فيه، ولا يحابي، ولا يداجي، وذلك في وقت أخذت فيه شمس الخلافة الراشدة، ومعها شمس الدين تغرب، وشمس الملك، ومعه شمس الدنيا، تشرق.. كان يريد رد المسلمين إلى عهد الخلافة الراشدة، وهم يميلون إلى الإقبال علي عهد الملك.. فيقول لهم: (أريدكم لله وتريدونني لأنفسكم!!).. وقد استغرق على عهد خلافته القصير في حرب من كان يسميهم بالناكثين، والقاسطين والمارقين.. أما الناكثون فهم الذين نكثوا العهد ببيعته، وخرجوا عليه مستنصرين بأهل البصرة، فحاربهم في موقعة الجمل، وظهر عليهم، وقد كانوا يطالبونه بالقصاص من قتلة عثمان.. وأما القاسطون فقد كانوا أهل الشام، بزعامة معاوية، وقد امتنعوا عن بيعته، وطالبوه بالقصاص من قتلة عثمان ورد أمر الخلافة شورى بين المسلمين.. وقد حاربهم كطائفة باغية لقوله تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله).. وقد كانت شروطهم مستحيلة التحقيق، فما أرادوا بها إلاّ صرف أمر الخلافة عن علي.. فإن القصاص لا يجريه إلاّ وليُّ الأمر الذي تستقيم بيعته، وهم يمتنعون عن هذه البيعة، ثم إن التحقيق مع قتلة عثمان كان متعذرا لسيطرتهم علي المدينة من جهة، ولعدم التمكن من تحديد قاتل بعينه، من جهة أخرى.. أما البيعة لعلي بالخلافة فقد انعقدت له من أهل الحل والعقد، من أهل الحرمين، والأمصار ما خلا الشام.. ومما يدل على أن أهل الشام لم يريدوا إلاّ صرف الأمر عن علي، أنهم لما استقام لهم أمر الخلافة، بعد، لم يتتبعوا قتلة عثمان، فلم يقتصوا منهم!! ولقد حارب عليٌّ أهل الشام في موقعة صفين، فلما مال ميزان الحرب لصالحه، وحاقت بجيش الشام الهزيمة لجأوا إلى خدعة التحكيم المشهورة.. حيث رفعوا المصاحف مدِّعين الاحتكام إلى كتاب الله الذي طالما ذكّرهم عليٌّ به، ودعاهم إلى الاحتكام اليه، قبل الحرب.. فأصر عليُّ علي الاستمرار في القتال حتى النصر المبين، وهو يذكر شيعته بأن القوم إنما أرادوا الكيد والخديعة.. فخرجت خارجة من جيشه، هي كثرته، تدعو إلى قبول التحكيم (وكانت تلك نواة الخوارج فيما بعد).. حتى قالوا له: (يا علي أجب إلى كتاب الله إذ دعيت اليه، وإلاّ ندفعك برمتك إلى القوم، أو نفعل بك كما فعلنا بابن عفان!!) فاضطّر مكرها، إلى قبول التحكيم.. وقد انتهى التحكيم بتلك الخدعة التي خُدع بها أبو موسى الأشعري، حكم عليٍّ، وهو قبول عزل عليٍّ نظير أن يعزل عمرو بن العاص، حكم معاوية، صاحبه.. فعزل هو عليا، ولم يعزل عمرو بن العاص معاوية، بل ثبته، فاشتد بذلك ساعد أهل الشام على ساعد علي وشيعته.. وعندئذ أعلنت تلك الخارجة من شيعة علي أنها أخطأت، وأخطأ معها علي بقبول التحكيم، وإن هذا الخطأ كفر، وأنها قد ثابت، وأنابت عنه، وأن على عليٍّ بن أبي طالب، أن يتوب من هذه الخطيئة، وإلاّ فهو كافر، وصار شعارهم، (لا حكم إلاّ لله).. ثم ناصبوا عليا العداء، وأخذوا يجادلونه حتى حاربهم في النهروان وظهر عليهم.. فكانت تلك حربه للمارقين..
ثم لما أخذ يستعد لحرب أهل الشام مرة أخرى لم يجد إلاّ الخذلان من شيعته، إلاّ فئة قليلة ظلت وفية له، معتصمة به.. وقد تمكن حب الدنيا من القلوب، كما سلف القول، فكان هناك الطلقاء الذين أسلموا بآخرة، بعد فتح مكة فعفا عنهم النبي بقوله: (اذهبوا فأنتم الطلقاء)، وكان هناك المنافقون الذين انقطع، بقبض النبي سبيل التعرف اليهم، وكان هناك الأعراب الذين ارتد بعضهم في مبدأ عهد أبي بكر، فردهم إلى الدين كارهين، وكان هناك الطامعون في الخلافة، وفي الجاه، وفي عرض الدنيا.. وقد فتحت الأمصار على المسلمين، وأخذت تعود عليهم بالفيء، والخراج، وتمنيهم بفنون العيش الرغيد.. ثم إن حرب عليٍّ مع أهل الشام ليست حرب مغنم، وقد كف شيعته عن أخذ الغنيمة، أو السبي فيها، حيث لم يقاتلهم كفارا، وإنما قاتلهم باغين.. وكان معاوية قد أخذ يتألف سراة القوم ورؤساءهم بالمال، والجاه، والسلطان، ويكيد لمن يمتنعون عن موالاته.. وكان هناك نفر من الصحابة قد اعتزلوا تلك الفتنة، احتياطا لدينهم، في ظنهم.. وأخذت شيعة عليٍّ تؤثر السلامة، وتتقاعس عن الحرب، فتخذله أمض الخذلان.. حتى صار لا يطاع له أمر، وحتى برم بهم، وأخذ يتعجل نهايته.. فكان يخاطبهم بقوله: (يا عباد الله ما لكم إذا أمرتكم أن تنفروا في سبيل الله أثّاقلتم إلى الأرض؟؟ أرضيتم الحياة الدنيا من الأخرة بدلا؟؟) وبقوله: (أصبحت والله لا أصدق قولكم، ولا أطمع في نصركم ولا أوعد العدو بكم!!) وبقوله: (والله لقد أفسدتم علي رأيي بالعصيان... لا رأي لمن لا يطاع).. ويقول، عندما يبلغ به الاستيئاس منهم مداه: (ما يؤخر أشقاها!!) وهو يشير إلى نبوءة النبي، بأنه يموت مقتولا، وبأن قاتله أشقى هذه الأمة.. وذلك حتى قتل!! وبويع الحسن، فخذله أهل الكوفة كما خذلوا أباه، حتى قال لهم: (أنتم أكرهتم أبي علي الحرب، وأكرهتموه علي التحكيم، ثم اختلفتم عليه، وخذلتموه.. وهؤلاء وجوهكم وأشرافكم يغدون على معاوية أو يكتبون اليه مبايعين، فلا تغروني عن ديني).. فاضطر الحسن إلى مصالحة معاوية، وإلي أن يسلم له الأمر على أن يرده من بعده شورى بين المسلمين.. فنقض معاوية العهد إذ عهد بالأمر من بعده لابنه يزيد، الفاسق بالجارحة، وأخذ له البيعة.. ومات الحسن مسموما!! ثم إن الحسين لما علم أن يزيد ليس بتاركه حتى يأخذ منه البيعة خرج بآل بيته وشيعته، إلى الكوفة حيث كاتبه أهلها بالقدوم اليهم لنصره.. فلما بلغ كربلاء حصره جيش ابن زياد (وكان أمير يزيد علي الكوفة والبصرة)، حتى اضطره للنزول علي حكمه بالبيعة ليزيد، أو يحاربه، وقد أنكر أهل الكوفة مكاتبتهم للحسين بالمناصرة.. فأبي الحسين أن ينزل علي حكم يزيد، فزحف جيش ابن زياد، وقد بلغ عدده أربعة آلاف رجل، علي الحسين وآل بيته وشيعته ولم يتجاوز عددهم الإثنين والسبعين رجلا.. فقاتلهم الحسين وبنو أخيه، وبنو عمومته وشيعته، فأبلوا أعظم البلاء حتى قتلوا جميعا، وكان هو آخر القتلى.. وقد جزت رؤوسهم، وسلبوا، ومُثِّل بهم، ثم سبي النساء من آل البيت، وفيهم زينب بنت فاطمة بنت النبي.. فكانت تلك أكبر محن آل بيت، وأكبر محن المسلمين، كافة، حيث انتهكت فيها أحق الحرمات بالرعاية..
ثم تفرغ عليٌّ بن الحسين، زين العابدين، للإمامة الروحية، ولجمع شمل آل بيته، وشيعته، وسار ابنه محمد الباقر، وحفيده جعفر الصادق، وأعقابهم من بعدهم، هذه السيرة، وقد علموا أن السلطة الزمنية قد انتهت، تماما، إلى أهل الدنيا، وأن حب الدنيا قد أخذ من القلوب كل مأخذ، وأن دورهم، في هذه الظروف، إنما هو تربية، وتعليم، ذويهم، وأشياعهم، بما ورثوه من علوم النبوة، وبما استمدوه من أنوار الولاية.. أما من خرج من آل البيت على سلطان بني أمية، كزيد بن علي بن زين العابدين وكأبنه يحيي، وكأبناء الحسن، فقد لقوا التقتيل، والتنكيل.. ولم يكن العهد العباسي بأقل اضطهاد لآل البيت، من أعقاب الحسين، والحسن، من العهد الأموي، وقد استغل ذلك العهد اشتداد الدعوة الى آل البيت مع تدهور دولة الأمويين في قيام دولته، وتوطيد دعائمها، ثم أخذ يسومهم الخسف..
ثم لم يزل أمر الدنيا يعلو، وأمر الدين ينحط بين الناس كلما قام لنصرته قائم من أبناء علي خذله الناس، ونصروا عليه أعداءه من الأمويين، ثم من العباسيين حتى استيأس أنصار الدين من صلاح أمر الناس، فظهر التصوف الإسلامي، وقد اعتزل أئمته دنيا الناس لا ينازعونهم السلطة الزمنية، فرارا بدينهم وبدمهم.. فأخذوا أنفسهم بتقليد سيرة النبي، قبل بعثه، وبعده، وهي عندهم علي نهج السداد، فظهرت عليهم أنوار الدين، وجرت منهم أسراره، ومعارفه.. فحققوا المقامات الكبيرة من الولايات المستمدة من الولاية المحمدية.. وكان أكابر الصوفية ينتسبون إلى آل البيت، حيث أخذت خلافة عليٍّ علي النبوة، تؤتي ثمرتها فيهم.. والتصوف، في حقيقته، هو تقليد النبي الكريم في طريقته (السنة)، فالنبي هو عمدة التصوف، وهو الصوفي الأول.. وسلسلة التصوف إنما هي منسوبة إلى آل البيت، حيث تبلغ نسبتها جعفر الصادق محمد الباقر، فعلي زين العابدين، فالحسين، فالحسن، حتى تبلغ علي بن أبي طالب، فترتفع إلى النبي الكريم، ثم ترتفع، عن جبريل، إلى الله تعالى.. فما من صوفي محقق إلاّ وله نسبة إلى آل البيت، وإلاّ وهو قد أخذ من طريق هذه السلسلة..
ونشأ الفقه الإسلامي في ظل الدول التي انقطعت عن الخلافة الراشدة، واستغلت بالملك العضوض، فأخذت تنظم شئونها وفق الشريعة الأسلامية، فازدهر هذا الفقه مع تشعب حاجات الناس في تلك الدول، وأخذ يستنبط، ويقيس، ويجتهد بالرأي حتى ابتعد عن روح الدين، وحتى فارق حكمة الشريعة..
وهذه الفترة من بداية المفارقة للخلافة الراشدة، ومع تداعي الانحطاط الديني، حتى بلغ مداه اليوم، إنما هي بمثابة (الفترة) التي تكون، عادة، بين كل بعثين دينين.. أما البعث الأول فكان بعث الرسالة الأولى (المحمدية)، وأما البعث الثاني فسيكون بعث الرسالة الثانية (الأحمدية).. ولقد كانت الحكمة من هذه (الفترة) – أو الجاهلية – هي أن تستعد الأرض روحيا للبعث القادم، وهو أكبر من البعث الماضي، بما لا يقاس، وذلك حيث تصير (السنة)، وهي شريعة النبي الفردية الخاصة به، شريعة عامة لكل الناس، وذلك ببعث آيات الأصول من الدين، ونسخ آيات الفروع – بالارتفاع من مستوى الشريعة، وتطويرها إلى مستوى السنة.. وقد أخذ النبي، كا أسلفنا، من مقام ولايته، في برزخه، يمد خليفة نبوته، عليا، وخلفاءه، من بعده، وأئمة التصوف، من أنوار ولايته بما يهيئون به الأرض لمجيء ذلك الرجل من آل البيت، محققا الحقيقة المحمدية (الولاية الأحمدية)، على الأرض، ومطبقا الرسالة الثانية (الرسالة الأحمدية) على بشرية القرن العشرين..
وقد رأينا كيف انحط الناس حتى عن مستوى الرسالة الأولى (المحمدية) بعد انصرام عهد الخلافة الراشدة.. ونحن، المسلمين، اليوم، إنما نعيش قشور هذه الرسالة، ونستقبل عهد الرسالة الثانية (الأحمدية).. فالفترة بين عهدي الرسالة الأولى والرسالة الثانية قد شهدت انحطاطا عن الرسالة الأولى، ولكنها قد شهدت، في نفس الوقت ارتفاعا نحو الرسالة الثانية، حيث اقتضت الحكمة أن تفسح الرسالة الأولى المجال للرسالة الثانية.. فبينما كان هناك انحطاط، في الشريعة، كان هناك في المقابل، ارتفاع، في الحقيقة.. وقد قام علي بن أبي طالب وبنوه، وخلفاؤه، من آل بيته، ومن الصوفية، منذ عهد حسن البصري، والجنيد، وأبويزيد البسطامي، وعبد القادر الجيلاني، بذلك العمل الروحي الجليل في التمهيد، والإعداد للرسالة الثانية ممدودين بمدد الولاية المحمدية، وهم يستشرفون العهد القادم، والدولة القادمة.. تلك التي هاموا بها، وبشروا، فقالوا:
لنا دولة في آخر الدهر تظهر وتظهر مثل الشمس لا تتستَّر
وهكذا ظلت خلافة علي – خلافة النبوة، معطلة التطبيق في وقت خلافة (الرسالة المحمدية)، كما يمثلها أبو بكر، وعمر، وعثمان.. وستكون (للرسالة الأحمدية) دولة علي يدي رجل من نسل علي بن أبي طالب، هو المسيح المحمدي، يقوم بتطبيق شريعة النبوة (السنة) كشريعة عامة للناس، وسيكون له خليفته، من بعده، من نسل علي بن أبي طالب، أيضا، يخلفه علي تلك الدولة.. وهي جنة الأرض حيث تملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.. كما سنرى..
والشيعة لا يعرفون هذه الإمامة الروحية لعلي، ولبنيه، ولا يعرفون لهم هذا القدر الجليل، وإنما هم ينسبونهم، ومنذ ذلك الوقت إلى إمامة زمنية، ثم إنهم لهم يصورونهم على خصومة منكرة، لا تهدأ، بينهم وبين أهل زمانهم، علي هذه الإمامة.. فهم عندهم، مظلومون، مغلوبون علي أمرهم، مسلوبون من كل دورهم، حتى غذى ذلك عندهم الغلو في التشيع لهم.. وما دروا أن دورهم أساسا قد كان في هذا التمهيد لهذا البعث القادم.. وهم قد أدوا هذا الدور الروحي، على تمامه.. فإنهم هم لم ينتقصهم أهل الدنيا شيئا حين استأثروا بالسلطة الزمنية من دونهم، وقد فطمهم الله تعالى عن الدنيا، وما فيها من متاع وسلطة..