الفنون والأديان:
لكن يمكن للإنسان أن يقول: أنه ما من فن من الفنون ، إلا ونشأ في معابد الدين ... أصلو ما عرف دين ، ما فيهو موسيقى .. يجوز مسألة الرسم ، والنحت ، في بعض الأديان مافي ، لكن الموسيقى ، بصورها المختلفة ، ما عرف دين ما عندو ، حتى ولو كان الإيقاع البكون بالطبل ، أو بكون بالطار ، أو بكون بالنوبة ، إلى أن يجيء "الاورقن" بتاع الكنيسة ، بالصور المختلفة فيه .. لكن ما من شك في أن الصلة كبيرة بين الفنون وبين الأديان.
والسبب في علاقة الفنون بالأديان ، هو أن الأديان تعبير ، زي ما قلنا قبيل ، الملكة الفينا ، عاوزة التعبير ، هي الحياة.
نشأة الأديان:
الأديان نشأت من تجاوبنا مع البيئة .. الإنسان الأول عندما شاف البيئة الحوله ، والقوة الهائلة الفيها ، أستطاع بذكائه الفطري البسيط أن يرى أنو القوة في البيئة المحيطة بيهو ، يمكن تقسميها إلى قسمين: في قوة هائلة ، رهيبة ، كبيرة ، شعر من الأول أنو ما عندو بيها قدرة .. وفي قوة بسيطة ، مثل الحيوان المفترس ، أو العدو .. المشاكل البتقع في المستوى دا هدته إلى أن يتفنن في الحيل لمواجهتها ومقاتلتها .. وكذلك فعل .. وأما القوى الهائلة ، فقد حاول أن يوجد نوع من الموافقة بينه وبينها .. حاول أن يوجد نوع من الصداقة ، حاول يتملقها .. حاول يعبدها .. دي كلها صور من الحيلة وعنها نشأت العبادة .. نشأت العبادة نشأة ساذجة .. الواحد يحب أن يقول ، ودي نقطة بتحتاج لتوكيد ، أنو الانبياء ما جو ليقولوا لينا "الله في" .. لي دي نحن ما محتاجين .. نحن البشر ، ما محتاجين لأن يورونا أنه هناك قوة هائلة نحن بازائها قاصرين ، وعن منازلتها عاجزين ، وأن من الواجب أن نوجد نوع من المصالحة معها .. سميها ماشئت ... ما من شك اننا نحن ما سميناها بالصور المجردة من الاسماء التوحيدية .. الرسل جو لي دي .. الرسل جو ليعرفونا صفات الله ، واسماءه ، لكن ، للشعور به ، فقد وجدوا الاستعداد عندنا مركوز في فطرتنا .. اننا بنعرفه بمعنى اننا بنحس بيهو ، لكن صفاته ، أو أسماؤه ، وأفعاله ، لكن المعاني المجردة فيها ، البتخرجنا من التجسيد في العبادة إلى التجريد ، دا هو ما من أجله جاء الرسل ، فلذلك الإنسان الذكي ، والعارف يشعر بأن الدين نشأ نشأة فطرية ، وفي الأرض ، وسابق للرسل ، ولعل الرسل السابقين للأديان هم رسل العقول ، مش رسل البشر .. العقول دي أدركنا بيها وجود الله إدراكات ساذجة ، وبدائية .. هنا عبرنا عن مخاوفنا بأزاء القوة الهائلة ، فكان الدين .. ومن أجل دا العلاقة الكبيرة بين ملكة التعبير وبين الدين ، وبين استخدام الدين لوسائل التعبير المختلفة في الفنون .. قررنا أن الموسيقى كانت نشأتها قديمة جداً .. ونقرر هنا عن النحت برضو .. الناس كانوا بينحتوا الآلهة كأصنام ، من بدري خالص ، قبل ما يجئ اساتذة الفنون ، من اليونان ، ومن الرومان ، ومن غيرهم.
النحت والعبادات:
النحت الساذج كان محاولة لتجسيد ما يتصوره الإنسان عن الله .. ودايماً الإنسان بيتصور الوجود في صورته ، حتى الله ، نحن بنصوره في صورتنا .. وكذلك حكمته الالهية جات على ألسنة الرسل لتعطيه صفات زي صفاتنا ، فلولا أن الصفات مشتركة بيننا وبينه ، ما بنعرفه ، في الغالب الأعم ، يمكنك أن تطلق المسألة دي ، أن النحت كان قد نشأ لنجسد بيه الصورة البنعبدها نحن ، في حيز نقدر نحيط بيهو ، ونعرفه ، وندركه ، ودا ما سمى بالأصنام .. ومافي عبادة من العبادات إلا ونشأ التجسيد في معابدها ، النحت والفنون الأخرى .. الواحد يمكن أن يقول أنها كلها في البداية وجدت ملكاتها الأولى ، ثم تطورت ، بصور مختلفة ، فيما بعد.