لقد أثبتت هذه الأحداث أن الشعب السوداني شعب أصيل، شجاع، كريم .. يجود بالنفس في سبيل العزة، والشرف ولا ينقصه غير القائد الذي يفجر كوامن أصالته، ويحرك حسه الوطني .. فاذا وجد قائدا، في مستواه، فان المعجزات تجري على يديه، والبطولات تسعى اليه خاطبة وده.. حقا كما قال الأستاذ محمود في تحقيق معه في جريدة الأخبار، فيما بعد، ((الشعب السوداني شعب عملاق يتصدره أقزام))

معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية - الكتاب الاول

menu search

أسس دستور السودان

الفصل الثالث عشر
الإقتصاد


لا بد لفروع الحكومة جميعا من تمويل، ولذلك لا يكون الحديث عن الدستور مستوفى إلا إذا تحدثنا عن تمويل الجهاز الحكومى والحق اننا لا نعتقد ان الديمقرطية عبارة عن مدلول سياسي فحسب، ذلك بانها لا تحقق إلا إذا قامت على ثلاث دعامات هى: المساواة السياسية، والمساواة الاقتصادية، والمساواة الاجتماعية. ولقد بينا خطوط المساواة السياسية في محاولتنا وضع اسس الدستور، وعندنا ان المساواة الاقتصادية تعني وضع حد أعلى للدخول وحد أدنى، لا يبلغ التفاوت بينهما أن يخلق طبقة عليا تنظر بتأفف الى طبقة دنيا، على أن يكون الحد الأدنى كافيا ليكفل للمواطن عيشا يليق بالكرامة الإنسانية وأن يكون مكفولا حتى للعجزة الذين لا ينتجون وحتى للأطفال، على ان نعمل عملا متواصلا لتنمية الموارد حتى يرتفع الحد الادنى والحد الاعلى الى مستوى الحياة الرغيدة.. ونحن لذلك نجعل ملكية المرافق الاقتصادية جميعا للشعب لا للافراد ولا للدولة، ونعني بذلك مصادر الانتاج، ووسائل الانتاج، على ان تديرها الأجهزة التنفيذية في جميع مستوياتها بالتعاون مع المواطنين، وعلى ان تعمل هذه الاجهزة على تدعيم النظم التعاونية بين الشعب في الزراعة والصناعة والتجارة، مبتدئة من القرية، فالمدينة، فالمقاطعة، فالولاية، فالحكومة المركزية التي يكون عملها الأساسي رسم السياسة العامة، لتوسيع المرافق الاقتصادية وتدعيمها، وتمويلها، وامدادها بالارشاد الفني والاداري، ثم الاشراف على التوزيع حتى تقوم العدالة على اسس تحقق المساواة الاقتصادية بين سكان القطر جميعه، وسنفرد للمسالة الاقتصادية سفرا مستقلا، يكون متمما لاسس دستورنا هذه التي قدمناها، ونرجو ان يصدر هذا السفر قريبا.