لقد أثبتت هذه الأحداث أن الشعب السوداني شعب أصيل، شجاع، كريم .. يجود بالنفس في سبيل العزة، والشرف ولا ينقصه غير القائد الذي يفجر كوامن أصالته، ويحرك حسه الوطني .. فاذا وجد قائدا، في مستواه، فان المعجزات تجري على يديه، والبطولات تسعى اليه خاطبة وده.. حقا كما قال الأستاذ محمود في تحقيق معه في جريدة الأخبار، فيما بعد، ((الشعب السوداني شعب عملاق يتصدره أقزام))

معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية - الكتاب الاول

menu search

المؤامرة من جديد؟؟

مهزلة القضاة الشرعيين


أوردت صحيفة ((السودان الجديد))، الصادرة اليوم، بالعنوان الكبير عبارات ((المحكمة الشرعية تصدر أول حكم من نوعه في السودان – ردة محمود محمد طه، وأمره بالتوبة عن جميع أقواله)).. اقرأوا مرة ثانية ((وأمره بالتوبة عن جميع أقواله)!!
هل سمع الناس هواناً كهذا الهوان؟ هل أهينت رجولة الرجال، وامتهنت حرية الأحرار، واضطهدت عقول ذوي الأفكار، في القرن العشرين، وفي سوداننا الحبيب، بمثل هذا العبث الذي يتورط فيه القضاة الشرعيون؟ ولكن لا بأس، فإن من جهل العزيز لا يعزه!! ومتى عرف القضاة الشرعيون رجولة الرجال، وعزة الاحرار وصمود أصحاب الأفكار؟؟
إن القضاة الشرعيين لا يعرفون حقيقة أنفسهم، وقد يكون من مصلحتهم، ومن مصلحة هذا البلد الذي نعزه، ومن مصلحة الدعوة التي نفديها، أن نتطوع نحن فنوظف أقلامنا، ومنبرنا، لكشف هذه الحقيقة، لشعبنا العزيز، على ما هي عليه.. وإلا فإني بكل كرامة، أرفض هذه المهانة التي لا تليق بى، ولا يمكن أن تتوجه إلى، ولا يمكن أن تعنيني بحال.. فقد كنت أول، وأصلب، من قاوم الإرهاب الاستعماري في هذه البلاد.. وقد فعلت ذلك حين كان القضاة الشرعيون يلعقون جزم الإنجليز، وحين كانوا في المناسبات التي يزهو فيها الاستعماريون يشاركونهم زهوهم، ويتزينون لهم بالجبب المقصبة المزركشة، التي سماها لهم الاستعمار ((كسوة الشرف)) وتوهموها هم كذلك، فرفلوا فيها، واختالوا بها، وما علموا أنها كسوة عدم الشرف، ولكن هل ينتظر منهم أن يعلموا؟؟ سنحاول تعليمهم.. والأيام بيننا.
أما أمركم لي بالتوبة عن جميع أقوالي فإنكم أذل، وأخس، من أن تطمعوا فيّ... وأما إعلانكم ردتي عن الإسلام فما أعلنتم به غير جهلكم الشنيع بالإسلام، وسيرى الشعب ذلك مفصلا في حينه.. هل تريدون الحق، أيها القضاة الشرعيون؟؟
إذن فاسمعوا، إنكم آخر من يتحدث عن الإسلام، فقد أفنيتم شبابكم في التمسح بأعتاب السلطة، من الحكام الإنجليز، والحكام العسكريين، فأريحوا الإسلام، وأريحوا الناس من هذه الغثاثة..
ام درمان في 19/11/1968 م
محمود محمد طه