إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

مهزلة محكمة الردة مكيدة سياسية

الخــاتمة:


إن استرجاعنا لمحكمة الردة ليس لمجرد أنها حدث تاريخي يهز الضمير ويقبض النفس لفرط جهالته ولبالغ سوئه .. ليس هذا هو سبب وقوفنا مع ذكرى تلك المهزلة وانما نحن بذلك نريد تنبيه الغافلين من المثقفين ونريد ايقاظ وعي هذا الشعب الطيب المحب للدين .. ذلك بأن محكمة الردة هي إلى كونها وصمة عار في تاريخ القضاء السوداني هي مؤشر ودليل على مدى الجهل والتخلف وإهدار الكرامة الذي يمكن ان يتعرض له شعبنا إذا ما آلت أموره إلى أمثال أولئك السلفيين الذين باءوا بعار محكمة الردة وصاروا من الخاسرين.
ان محكمة الردة ان هي إلا لون من ألوان الهوس الديني الذي نراه يجري اليوم على يد الخميني والاخوان المسلمين والوهابية وجماعة التكفير والهجرة ولذلك يحرص الجمهوريون على الوقوف في كل عام ضد ذكرى تلك المحكمة ليدقوا ناقوس الخطر ولينبهوا لضرروة كشف مخططات الأخوان المسلمين الذين هم في بلادنا بمثابة رأس الرمح للهوس الديني .. فهم يسعون في كيد رخيص وبمكر سيء وتآمر خسيس كي يقفزوا إلى السلطة ويبيحوا هذه الأرض الطيبة لغرسهم الخبيث الهوس الديني والجهل الطائفي .. ولكن الله لن يخلي بينهم وبين هذه البلاد المحروسة بفضله ومنه من كيد الخائنين ..
إن قضاة الأحوال الشخصية الذين استغلتهم الطائفية والأحزاب السلفية في تنفيذ تآمرها ضد الجمهوريين في نوفمبر 1968 هؤلاء القضاة هم الوجه الآخر لعملية الهوس الديني التي يمثل الاخوان المسلمون والطائفية وجهها الأول وهم جميعاً إنما يعوقون أمر البعث الواعي للإسلام ولذلك فإن موقفنا منهم إنما هو موقف مبدئي وموقف تاريخي ظللنا عليه منذ العام 1945 حيث واجهنا ولا نزال نواجه الطائفية وحيث تصدينا ولا نزال نتصدى لموقف من يسمون بالقضاة الشرعيين منذ أن أصدر مفتيهم عام 1946 فتواه لمنع الحديث في المساجد ضد الإنجليز .. وقد كانت ردة الفعل لهذا الموقف المبدئي المزعج للطائفية وللأحزاب السلفية كانت ردة الفعل هذا الكيد السياسي الذي اتخذ القضاة الشرعيين مخلب قط لتمثيل مهزلة محكمة الردة ..
ان هؤلاء السلفيين لا يعوقون البعث الإسلامي وحسب وإنما يمهدون الطريق من حيث لا يشعرون أمام الشيوعية ذلك بأنهم إنما يشوهون الإسلام وينفرون منه الشباب الذكي فيدفعونه دائماً إلى أحضان الشيوعية وذلك لجهل هؤلاء السلفيين بحقائق الإسلام وجهلهم بحقيقة العصر وأسوأ من ذلك!! بنفاقهم وتملقهم للحكام وإفتائهم بما يشتهون حتى انهم كانوا يتشرفون بكساوي شرف الانجليز .. فقد كانت الغازيتة – الجريدة الرسمية للحكومة – في كل عام تطلع الناس بقائمة من القضاة الشرعيين والسلفيين الآخرين ، ممن ينعم عليهن الحاكم العام الانجليزي بكساوي الشرف!!
لقد سقط هؤلاء تماما في أعين الشباب الذكي المتطلع للحرية والكرامة ولكن هؤلاء الشباب قد تطوروا في الخطأ حين نسبوا مخازي هؤلاء للدين فأسقطوا من حسابهم الدين نفسه .. أنهم هم كما قلنا قد ظنوا خطأ ان سلوك من يسمون برجال الدين هو الدين وما هو بذلك!!
لقد آلينا على أنفسنا بتصحيح هذا الخطأ الفادح الذي استقر في اخلاد الشباب وذلك انما يتم بوضع الجهل والتخلف والهوس والنفاق عند عتبة باب السلفيين من قضاة شرعيين وفقهاء وأخوان مسلمين وطائفيين ووهابية حتى نبرئ ساحة الإسلام مما كسبت ايدي وقلوب هؤلاء من ظلام وحتى يبدو هنالك الدين الحق ناصعاً وصافياً يرد معينه الشباب الذكي الطموح وهو أحق به وأجدر ..
إن القضاء السوداني قد صمت عن سوء مهزلة الردة وسمح لها بأن تجلل ثوبه بالسواد مما سيظل يلاحقه بالعار حتى يهب من سباته ويتنبه من غفلته فيعلن براءته من جهالة (القضاة الشرعيين) التي ألصقوها به .. ان الطريق إلى الخلاص من الهوس الديني ومن الجهل الذي يلتحف قداسة الإسلام هو طريق واحد لا ثاني له .. فليعلم ذلك وليعلمه جيدا كل مثقف حر ذلك الطريق انما يقوم على الفهم الواعي للإسلام .. ان هذا لهو الدين الذي لا دين سواه – انه لهو الفكرة الجمهورية التي تدعو إلى طريق محمد وإلى أصول القرآن ..
فليعلم الشباب وليلزم المثقفون لمصلحتهم أنفسهم في المكان الأول هذا الإسلام!! قبل فوات الأوان وقبل أن يقبلوا بعضهم على بعض يتلاومون!! ذلك موعده الصبح!! أليس الصبح بقريب؟؟
ما من الله بد!! نسأله تعالى أن يرغبنا فيه بعلم وأن يجعل طريق رجعانا إليه ممهداً وميسوراً ، إنه نعم المولى ونعم النصير ..

الإخــــوان الجمــــهوريون
السودان – أم درمان – ص ب 1151
تلفــــــــــون 56912