إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

النائب العام والتدخل
في قضية بورتسودان

المؤامرة من جديد؟


من غير أدنى شك أن خطر الطائفية، وأذنابها من السلفيين، والأخوان المسلمين، أصبح يهدد أمن هذه البلاد، وسلامتها، على نحو يتزايد كل يوم.. وقد رأينا في كتابنا ((بيننا وبين الشئون الدينية واساتذتها.. من أزهريين، ومن سعوديين))، كيف أنهم وسّعوا من دائرة نفوذهم حتى استقطبوا الأجانب ليتدخلوا في شئوننا الداخلية، باسم الدين، وتحت ستار حماية الشرع الحنيف..
والآن نراهم وقد زحفوا أكثر نحو مراكز السلطة تحت شعار محاربة الجمهوريين، وحماية الدين.
إن تدخل ديوان النائب العام على هذا النحو الذي حصل قد أعطى فرصة ذهبية للسلفيين ليتسللوا منها إلى مراكز نفوذ جديدة، بديوان النائب العام... وإلا فبماذا نفسّر تدخل النائب العام في قضية بورتسودان، وعلى هذا المستوى الذي ذهب اليه، من تقديمنا للمحاكمة تحت المادة 105 ((اثارة الكراهية ضد الحكومة))، وتحت المادة 106 ((اثارة الكراهية والاحتقار ضد طائفة القضاة الشرعيين))، الأمر الذي يجعلنا عرضة للمحاكمة بأيهما على أقل تقدير؟؟ ولكأننا بديوان النائب العام وقد سخّر خبرته للنيل منّا، وهو قد بالغ في ذلك، والا فلماذا لم يكتف بالمادة 105 منفردة؟ أو بالمادة 106 منفردة؟ أوليس من حقنا بعد هذا أن نظن أنه قد قرر محاكمتنا حينما جمع بين المادتين المشئومتين؟ اننا ننظر دائما بحسن نيّة في كل الأمور، ولكن تصرف ديوان النائب العام
لم يترك لنا فيه بقية من حسن ظن نحمل عليها.. أليس من المؤسف حقا أن يتردى ديوان النائب العام في متاهات التشويش، والاثارة، التي يفتعلها القضاة الشرعيون ورصفاؤهم ((بالشئون الدينية)) فيكيدوا لنا من داخل جهازه الحساس الذي ننتظره مدافعا عن الحق وشفيعا؟ والا فماذا يعني تقديم الأستاذ محمود محمد طه وابنائه الجمهوريين للمحاكمة تحت المادة ((105)) إثارة الكراهية ضد الحكومة، وهم الذين دافعوا عن بقائها في شعبان، وبأكثر مما عملت أجهزتها الرسمية؟ أين كان يومذاك القضاة الشرعيون، وأين كانت الشئون الدينية التي وزعت خطب ((الجهاد)) على منابر البلاد المختلفة، مما كان يمكن أن يغري، ويشجع الخارجين على النظام؟؟ ان أجهزة ((الشئون الدينية)) والقضاء الشرعي، قد برهنت، من خلال حوادث شعبان، وبما لا يدع مجالا للشك عن عدم كفاءتها، وعجزها عن مواكبة الأحداث، لحماية النظام، مما أكد رأينا دائما في هذه المؤسسات، وكيف أنها من مطايا الطائفيين، وأذيالهم من الأخوان المسلمين، الذين لا هم لهم غير الوصول للسلطة..