إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الغـرابة فى الدعوة الإسلامية الجديدة

انغلاق الطرق الصوفية


ومن النتائج التي تستتبع مسألة الدعوة الى تقليد النبي في سنته، من غير زيادة أو نقصان، هي أن الطرق قد تحتّم عليها أن ترجع لتصب في طريقة الطرق – وهي طريق محمد.. وقد شقت هذه المسألة على المتطرقين لأنها دعتهم الى ترك ما اعتادوا عليه من الأوراد التي لم يكن النبي يؤديها، وإنما كانت بدعة حسنة جاء بها شيوخ الطرق الصوفية لمناسبتها لحاجة الوقت الذي دعوا فيه للعودة للدين.. وحين يُدعى المتطرقون وغيرهم لالتزام السنة النبوية، وهي عمل النبي في خاصة نفسه، نجدهم يحجمون، ويتذرعون بأن مسائل السنة هي من خصوصيات النبي مع أن الأمر بالإتباع وارد في القرآن هكذا: ((قل ان كنتم تحبون الله، فأتبعوني يحببكم الله..))..
وقد أصدر الجمهوريون منذ عشرة أعوام منشورا يتحدث عن انغلاق الطرق.. ولقد استغرب كثير من المتطرقين هذا المنشور وشقّ عليهم.. ولكنه الحق الذي ليس بعده الاّ الضلال.. إذ ما عذر من دعي لطريق محمد أن يتبع طريق من هم دون محمد؟ ولقد جاء في ذلك المنشور المهم ما يلي: ((إلى الراغبين في الله، السالكين إليه، من جميع الطرق ومن جميع الملل.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أما بعد فإن الزمان قد استدار كهيئته يوم بعث الله محمدا داعيا إليه ومرشدا ومسلكا في طريقه. وقد انغلقت اليوم بتلك الاستدارة الزمانية جميع الطرق التي كانت فيما مضى واسلة إلى الله، وموصلة إليه، إلا طريق محمد.. فلم تعد الطرق الطرق ولا الملل الملل منذ اليوم.
ونحن نسوق الحديث هنا إلى الناس بوجه عام، وإلى المسلمين بوجه خاص، وإلى أصحاب الطرق والمتطرقين من المسلمين بوجه أخص.
إن أفضل العبادة على الإطلاق قراءة القرآن، وأفضله ما كان منه في الصلاة، وطريق محمد الصلاة بالقرآن في المكتوبة وفي الثلث الأخير من الليل.. كان يصلي ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو تسعا أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة لا يزيد عليها.. وكان يطيل القيام بقراءة طوال السور، أو بتكرار قصارها، أو بتكرار الآية الواحدة حتى تورمت قدماه.
إن محمدا هو الوسيلة إلى الله وليس غيره وسيلة منذ اليوم - فمن كان يبتغي الوسيلة التي توسله وتوصله إليه، ولا تحجبه عنه أو تنقطع به دونه، فليترك كل عبادة هو عليها اليوم وليقلد محمدا، في أسلوب عبادته وفيما يطيق من أسلوب عادته، تقليدا واعيا، وليطمئن حين يفعل ذلك، أنه أسلم نفسه لقيادة نفس هادية ومهتدية..
إن على مشايخ الطرق منذ اليوم، أن يخرجوا أنفسهم من بين الناس ومحمد، وأن يكون عملهم إرشاد الناس إلى حياة محمد بالعمل وبالقول. فإن حياة محمد هي مفتاح الدين.. هي مفتاح القرآن، وهي مفتاح ((لا إله إلا الله)) التي هي غاية القرآن، وهذا هو السر في القرن في الشهادة بين الله ومحمد ((لا إله إلا الله محمد رسول الله)) ))
والدعوة الى توحيد الطرق الصوفية في طريق محمد هي أثر من آثار التحقيق والتجسيد الجديدين لـ "لا إله الاّ الله"، وهي من ثمّ مظهر من مظاهر الغرابة في الدعوة الإسلامية الجديدة..