إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الإسلام

أمة الرسالة الأولى المؤمنون


وحين يسمي القرآن المسلمين في مرحلة الرسالة الموسوية ((يهودا)) ويسمي المسلمين في مرحلـة الرسالـة العيسـويـة ((نصارى))، يسمـي المسلميـن في مرحلـة رسالة محمد الأولى ((المؤمنين))، أو ((الذين آمنـوا)) اسمعه: ((قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة، والإنجيل، وما أنزل إليكم من ربكم، وليزيدن كثيرا منهـم ما أنـزل إليك من ربـك طغيانا وكفرا، فلا تأس على القوم الكافرين * إن الذين آمنوا، والذين هادوا، والصابئون، والنصارى، من آمن بالله، واليوم الآخر، وعمل صالحا، فلا خوف عليهم، ولا هم يحزنـون))..
واسمعه أيضا: ((إن الذين آمنوا، والذين هادوا، والنصارى، والصابئين، من آمن بالله، واليوم الآخر، وعمل صالحاً، فلهم أجرهم عند ربهم، ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون))..
والتفاوت بين مراحل الإسلام المختلفة: في الموسوية، والعيسوية، وفي رسالتي محمد، إنما هو تفاوت مقدار، هو ترق من بداية غليظة، بليدة جافية، إلى نهاية رفيعة، ذكية، رقيقة، ويعكس لنا هذا الترقي التشـريع المنـزل بين البداية والنهاية، فإنه، مما لا شك فيه، أن التشريع، سواء كان تشريـع عادة، أو تشريع عبادة، إنما هو منهاج تربوي، يرتفع بالمجتمعات، وبالأفراد، من الغلظة، والجفوة، إلى اللطف، والإنسانية، وكلما كان الناس غلاظ الأكباد، بليدي الحس، كلما شدد عليهم في التشريع وكُبلوا بالقيود والأثقال ولو أن الناس رعوا ما عليهم، حق رعايته، لما أعنتوا في أمر من أمورهم.. والله تعالى يقول: ((ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم، وآمنتم؟ وكان الله شاكرا عليما)) لكن حاجة الناس إلى الترويض هي التي حرمت المحرمات، وعزمت العزائم، وجاءت المحرمات، والعزائم، وفق الحاجة إليها.. فحين كان الإسلام في طور اليهودية، وحين كان الناس غلاظا، جفاة، قال الله تعالى عنهم: ((فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم، وبصدهم عن سبيل الله كثيرا، وأخذهم الربا، وقد نهوا عنه، وأكلهم أموال الناس بالباطل، وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما))..
وقال عنهم: ((وإذ قال موسى لقومه يا قومي إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل، فتوبوا إلى بارئكم، فاقتلوا أنفسكم، ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم..))