الفيزيقيا وسيلة إلى الميتافيزيقيا
فأنتم ترون، من هذا الحديث، كيـف رد العلـم التجـريبي الظواهر المختلفة إلى أصل واحد، وكيف حمل هذا العلم أكبر علمائنا المعاصرين - أينشتين - ليقول هذه الكلمة الخالدة، التي أوردناها في آخر ما اقتبسناه من كتاب الدكتور أحمد زكي.. فكأن العلم التجريبي لا يريد أن يكتفي بأن يظهر لنا وحدة العالم المحسوس، وإنما يذهب إلى أبعد من ذلك، فيرينا كيف أن العالم المحسوس، إذا أُحسن استقصاؤه، يسوقنا إلى عتبة عالم وراءه، غير محسوس، ويتركنا هناك وقوفا، في خشوع، وإجلال، نلتمس وسائل، غير وسائل العلم التجريبي المادي، بها نهتدي في مجاهيل الوادي المقدس، الذي يقع وراء عالم المادة.. أقرأوا، مرة ثانية، الكلمة الخالدة التي حمل العلم التجريبي المادي الحديـث أكبر علمائنـا المعاصرين على قـولها!! وأقـرأوا، بشكـل خاص، قـوله فيها ((وهو إيماني العاطفي، العميق، بوجود قدرة عاقلة، مهيمنة، تتراءى حيثما نظرنا، في هذا الكون المعجز للأفهام))!!
إن العالم المادي إنما هو بمثابة الظـلال للعالم الروحي، أو قل بتعبيـر أدق، أن المادة روح، في حالة من الاهتزاز تتأثر بها حواسنا، وأن الروح مادة، في حالة من الاهتزاز لا تتأثر بها حواسنا، فالاختلاف، على ذلك، بين عالم المادة، وعالم الروح هو اختلاف مقدار وليس اختلاف نوع، وهذا يفتح الباب على الوحدة.. وحدة جميع العوالم..
وحين ينتهي بنا العلم التجريبي المادي إلى رد جميـع ظواهـر الكـون المادي إلى وحـدة هي ((الطاقة))، يبرز لنا من جديد، وبصورة خلابة، العلم التجريبي الروحي، ليتولى قيادنا في شعاب الوادي المقدس، الذي يقع وراء المادة، ونستطيع، بمواصلة البحث والاستقصاء، في العلم التجريبي الروحي، أن نرى هل يمكن أن ترد ظواهر الأخلاق البشرية إلى أصل واحد، كما رُدت ظواهر الكون المادي إلى أصل واحد، ويتم بذلك الاتساق، والتلاؤم، بين سلوك البشر، وبين البيئة المادية التي يعيشون فيها، فينتهي بذلك القلق الحاضر، ويعم الأرض السلام؟؟