لقد أثبتت هذه الأحداث أن الشعب السوداني شعب أصيل، شجاع، كريم .. يجود بالنفس في سبيل العزة، والشرف ولا ينقصه غير القائد الذي يفجر كوامن أصالته، ويحرك حسه الوطني .. فاذا وجد قائدا، في مستواه، فان المعجزات تجري على يديه، والبطولات تسعى اليه خاطبة وده.. حقا كما قال الأستاذ محمود في تحقيق معه في جريدة الأخبار، فيما بعد، ((الشعب السوداني شعب عملاق يتصدره أقزام))

معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية - الكتاب الاول

menu search

ماذا بعد التهافت؟

فليحذر المثقفون


ولقد يقوم في بال بعض أصدقائنا القراء أن أمر ((رجال الدين)) قد أصبح مكشوفا مما يغنى عن الاهتمام بالرد عليهم.. وبالطبع فإنه لا يخفى علينا أن هؤلاء الرجال قد صرفونا عن حقيقة عملنا، بعض الوقت، ولكن فضيلة هذا واضحة، فإنهم هم، بسوء صنيعهم، قد ساعدوا في نشر الدعوة بالصورة التي تحدثنا عنها آنفا.. هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى، فانه ما ينبغي التهوين من شأن هؤلاء.. وإننا لننعي على المثقفين بخاصة، هذا الاتجاه.. فإنه، وان كان حقا ان "رجال الدين" في حد ذاتهم، لا وزن لهم، ولا خطر، الاّ أنهم إنما يجيئهم الوزن، ويجيئهم الخطر، من كونهم هم أدوات الطائفية، وهم مخالب الدعوة السلفية.. وقد كانوا، وعلى طول المدى، مستغلين من هذه الجهات للتضليل، وللتغفيل، تحت ستار القداسة الدينية، وتحت إرهاب الأقنعة الزائفة..
إن العناية الإلهية قد ساقت لنا هذه النشرة الثالثة، والتي جاءت تنضح بالجهل، وبالغرض، حتى يستيقن شعبنا من حقيقة المصير القاتم الذي كان ينتظره لو قد آل أمره الى أمثال هؤلاء الرجال.
إن هذا البيان الجديد يدق ناقوس الخطر، وفيه تحذير للمثقفين – قبل فوات الأوان – ليأخذوا حذرهم جميعا، فيخرجوا من هذه السلبية، ويبرزوا لمكانهم الطليعي في ميدان المواجهة الفكرية.. إن التصدي لهذه الجهالات، وإن تحصين الشعب بالوعي، وبالمعرفة، لهو واجب المثقفين الأول..