إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

ماذا قال الأستاذ محمود محمد طه عن الصلاة؟

الباب الأول

نحن الدعاة إلى بعث الصلاة


إننا - نحن الأخوان الجمهوريين – الدعاة إلى بعث الصلاة بعد أن ماتت!!
فنحن نعمل لبعث الإسلام فينا حارا، قويا، فعّالا، في صدورنا، نساء ورجالا، كما خرج في القرن السابع الميلادي حارا، قويا، فعّالا، من منجمه! والإسلام، اليوم، قد مات! هذه حقيقة تحتاج إلى توكيد شديد، حتى يستيقنها المسلمون، عامة، وعلماء الفقه، بخاصة! ذلك بأنهم يرون الشعائر الإسلامية تؤدى فيحسبون أنهم على شيء من الإسلام! والحق أن المسلمين اليوم يعيشون على قشور الإسلام، دون لبته.. فهم في الجاهلية الثانية، وقد أدركتهم نذارة المعصوم: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كتداعي الأكلة على القصعة، قالوا: أومن قلة نحن، يومئذ، يا رسول الله؟؟ قال: بل أنتم، يومئذ، كثير!! ولكنكم غثاء!! كغثاء السيل، لا يبالي الله بكم!!" والمسلمون، اليوم، إن لم يدركوا أن هذه النذارة قد أدركتهم، فصاروا "غثاء كغثاء السيل"، فلن تقوم بينهم نهضة إسلامية، فهي لا تقوم والمسلمون لا يشعرون بالحاجة الماسة اليها... حاجة حياة أو موت!! وأول العمل من أجل هذه النهضة بعث "لا إله الاّ الله" فينا... ولا يكون بعثها الاّ بعودة الروح إلى الصلاة.

المسلمون اليوم لا يصلون


قال الأستاذ محمود محمد طه في خاتمة كتابه "تعلموا كيف تصلون":
((صلوا!! فإنكم لا تصلون.. هذا الحديث يساق إلى كل المسلمين.. ويساق، بصورة خاصة، إلى الذين يعمرون منهم المساجد، اليوم، ويستشعرون الرضا عن أنفسهم.. صلوا!! فإنكم الآن لا تصلون.. ولا تغرنكم هذه الحركات الآلية التي تؤدونها، فإنها لا روح فيها.. إنها (جثة بلا روح)، بدليل أن أخلاقكم ليست أخلاق المسلمين.. ولم يقل النبي الكريم: (الدين العبادة).. وإنما قال: (الدين المعاملة..).. وفي المعاملة الحسنة ـ المعاملة الإسلامية ـ العبادة موجودة.. لأن (الأخلاق الإسلامية) إنما هي ثمرة (العبادة الإسلامية).. ولكن قد تكون هناك عبادة بلا معاملة.. وهذه إنما تعتبر عبادة باطلة.. إن صلاة المسلمين، اليوم، هي الصلاة التي قال عنها القرآن: (فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون * الذين هم يراءون * ويمنعون الماعون..)..))

هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه، فالصلاة صارت "جثة بلا روح"... ماتت!! ولذلك دعا المسلمين إلى أن يصلوا من جديد، وإلى أن يبعثوا الروح في صلاتهم...

عودة الروح إلى الصلاة بإدخال الفكر فيها


وقال الأستاذ محمود محمد طه تحت عنوان "الصلاة ماتت!" من كتابه "تعلموا كيف تصلون":
((إن الصلاة ميتة اليوم.. هي، كما يؤديها الناس، اليوم، جثة بلا روح.. والدعوة التي يقوم بها الجمهوريون، اليوم، ويلقون في سبيلها ما يلقون، إنما هي من أجل بعث الصلاة.. من أجل بعث: (لا إله إلا الله)، لتكون دافئة، حية، خلاقة، في قلوب الرجال، والنساء، كعهدنا بها حين خرجت من منجمها، وانطلقت، في شعاب مكة، في مستهل القرن السابع الميلادي.. ولن تعود الصلاة حية إلا إذا دخل فيها الفكر، فجددها.. وإنما بدخول الفكر على العبادة يكون بعث (السنة).. وذلك ما عناه المعصوم حين قال: (الذين يحيون سنتي بعد اندثارها).. ولقد بينا في هذا الكتاب: كيف أن (السنة) فكر يحارب العادة.. هي فكر يأخذ بداياته في بساطة شديدة، وذلك بتقديم الميامن على المياسر، في العبادة، وفي العادة.. وعودة الفكر إلى الحياة، وإلى الصلاة، في وقتنا الحاضر، يمكن أن تكون في مثل هذه البساطة وأول ما نبدأ به، هو أن نقرر أن الصلاة وسيلة، وليست غاية.. وتقرير كون الصلاة وسيلة لا يحتاج منا إلى تخريج، أو تأويل.. ذلك بأن ظاهر نص القرآن صريح فيها.. ولقد تحدثنا عن ذلك في موضع آخر من هذا الكتاب.. فإذا كانت (وسيلة) فإن أدنى الذكاء يطالبنا بأن ننظر في عملنا: هل نحن متقدمون (بالوسيلة) نحو (الغاية)، أم هل نحن نقف بها في أول مراحلها؟؟ إن المعصوم قد قال: (الصلاة معراج العبد إلى ربه)..))

هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه، وهو يقرّر أن الصلاة وسيلة، وليست غاية، بعد أن يدعو إلى تجديد الصلاة بإدخال الفكر فيها...
والصلاة وسيلة إلى الرضا بالله... ومن ثمّ، إلى العبودية! والعبودية، كالربوبية، لا تتناهى – ولذلك فإن الصلاة لا تتناهى... وإنما هي تتجدّد وتلطف.
وسنرى فيما يلي كيف تكون الصلاة وسيلة إلى الرضا بالله، ووسيلة موسلة إلى الله:

الصلاة وسيلة الرضا بالله


قال الأستاذ محمود محمد طه في صفحة 91 من كتاب "تعلموا كيف تصلون":
(((الصلاة معراج العبد إلى ربه) توجب علينا أن نصلي، وأن نقيس صلاتنا.. هل نعرج بها كل لحظة إلى الله؟؟ وقياسنا هو مبلغ رضانا بالله.. هل نحن، بعد أن صلينا ركعتين، مثلاً، قد صرنا أرضى بالله منا قبل أن نصلي؟؟ هل نحن أسخى يداً، وأطيب نفساً، وأسلم قلباً، وأصفى فكراً، بعد الصلاة، منا، قبل الصلاة؟؟ فإن كنا كذلك فإن صلاتنا مؤدية توسيلها إلى الله.. وكون الصلاة وسيلة إلى الرضا بالله فقد ورد في ظاهر النص في قوله تعالى: (فأصبر على ما يقولون، وسبح بحمد ربك، قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها، ومن آناء الليل، فسبح، وأطراف النهار.. لعلك ترضى).. قوله، هنا، (وسبح) معناها (وصل).. وقد جاء، في هذه الآية، بأوقات الصلاة الخمسة.. (لعلك ترضى).. (الرضا) هو (العلة) وراء الصلاة.. و(الرضا) هو (العبودية) لله.. تكون له عبداً، وترضى به رباً، لا تعترض على تدبيره إياك.. وهذا هو المعني بالحديث: (الصلاة معراج العبد إلى ربه) لأن العروج إلى الرب لا يكون بقطع المسافة، وإنما هو بالعلم.. فإذا استعملت الصلاة حتى عرفت ربك، وحتى تأدبت معه بما يليق له، فقد عرجت بالصلاة إليه.. ويجب أن يكون واضحاً فإن حكم (الوقت) قد جعل آيات (النفوس) أهم من آيات (الآفاق).. ويجب أن يكون واضحاً أيضاً فإن بركة الصلاة، إن لم تشعر بها: رضا بال، وطمأنينة نفس، وصفاء فكر، فإنها صلاة باطلة..))

هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه.. فدعوتنا، في حقيقتها، إنما هي دعوة إلى الصلاة، والدعوة إلى الصلاة لم يتفق لها أن وقعت بهذا السمو، وهذا السموق، من قبل!
وهي دعوة، لدى الدقة، إلى بعث الصلاة بعد أن ماتت!! وقد بيّنا أن من مظاهر موت الصلاة قيام حياة المسلمين اليوم، على غير الأخلاق الإسلامية!!
وقد بيّنا أيضا أن من وسائل بعث الصلاة إدخال الفكر فيها... وأن أول الفكر أن ندرك أنها وسيلة وليست غاية.. هي وسيلة إلى الرضا بالله... وسيلة إلى العبودية!!!
ولذلك فنحن – الأخوان الجمهوريين – الذين نعرف قيمة الصلاة!