إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

أناشيد في طريق الرجعى

الثورة الفكرية والثورة الثقافية


إن "الدعوة الإسلامية الجديدة " هي دعوة لبعث الثورة الإسلامية الثانية، بوسيلتي الثورة الفكرية، والثورة الثقافية، وسبيلها الى ذلك بعث الكلمة "لا إله الا الله".. جديدة دافئة خلاقة في عقول وقلوب الرجال والنساء، كما كانت في صدر الإسلام، فالثورة الفكرية هي: عمل "لا إله الا الله" في العقول والثورة الثقافية هي عمل "لا إله الا الله" في القلوب. وعمل "لا إله الا الله" في العقول تخليص لها من اوضار الجهالات، والخرافات، وتسديد وتأديب لها بأدب الوقت، وعمل “لا إله الا الله” في القلوب ازالة الكدورات، والرعونات التي جثت على حواشيها "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون * كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون"
ولما كانت “لا إله الا الله” مهيمنة على التراث البشرى، وهادية لتطورة، فاننا بمنهجها سنوظف الإنشاد العرفاني لإحداث الثورة الثقافية. ومن هذا المنطلق فقد عكفنا على غربلة هذا الميراث من الشعر العرفاني، وسنعمل على نشره بالألحان المنتقاة، وسط قطاعات الشعب المختلفة، ليسهم في احداث الثورة الثقافية، ذلك لأنه يقدم للشعب دقائق حقائق الدين، واسراره، ومعارفه، وآدابه، وقيمه في لحن فن راق، قريب الى النفس، حبيب اليها.. وإننا لعلى يقين من أمرنا، بأن الشعب سيتجاوب معه، ذلك لأن بيئة هذا الشعب بيئة صوفية، في الأساس، ترسخت في أعماقها تعاليم، وقيم، وآداب الصوفية. إننا عندما نطور، ونجدد هذا الإنشاد العرفاني وننشره انما نحي بالجديد قديمه، ونصله به، ليكون أصله ثابت، وفرعه في السماء، يؤتي أكله كل حين، يؤتيه دماثة أخلاق وحسن طبائع..
وبذلك يقوم هذا الإنشاد، بديلا عن ذلك النوع من الغناء الذي أضر بأخلاق النشء، بصرفهم عن الجادة، وسوقهم الى الغفلة عن الله، لأنه يعصم ألسنتهم، عندما تلهج به، من اللغو، ويحفظ قلوبهم من الخواطر، الشريرة، ويشحذ عقولهم ويجلوها، ويحي وجدانهم، ويرهف حسهم، ويسموا بعواطفهم، وذلك لما يحويه من موسيقى علوية، مستمدة من موسيقى القرآن. تلك الموسيقى التي قال عنها الاستاذ محمود محمد طه في كتابه "رسائل ومقالات" الجزء الاول صفحة 39 "ان القرآن في حقيقته الأزلية، موسيقى علوية، فهو يعلمك كلّ شى، ولا يعلمك شيئا بعينه.. هو ينبه قوى الادراك، ويشحذ أدوات الحس في وجودك".

خاتمة المقدمة


وخلاصة القول، نحن عندما نقول كل أولئك عن هذا اللون من الإنشاد، نعنى ما نقول.. لأننا أصحاب تجربة عملية، في أنفسنا، وفى من حولنا، من النشء، فإننا نزيد، ويزيدون كل يوم جديد، تعلقا به، وحبا له، وهياما فيه. ونحن لعلى ثقة، ان هذا اللون من الإنشاد، عندما يخرج من القلوب العامرة، والالسن الشجية الذاكرة، سيكون حادي النفس، الى منابع الحياة حيث صدرت، حيث حياة الفكر، وحياة الشعور..