يجب أن نحاول، بإستعمال الفكر وإستعمال العلم، أن نعيش في سلام، وأن نتجنب الكوارث التي قد تسببها لينا البيئة.. مثلاً التنمية الإجتماعية، إلى حد كبير، إحتراز ضد الجوع الذي يمكن ان ينشأ من العوامل الطبيعية من قلة الغلال، أو من إحتكار، وتخزين الغلال، البيحصل.. المجاعات اللي كانت قبل شوية، يعنى في أوائل القرن العشرين كانت بتحصل كثيرة، في بعض البلاد، زي الصين، كانت بتحصل إلى أواخر النصف الأول من القرن العشرين.. التخطيط الإجتماعي هو عبارة عن محاولة لأن نأمن غوائل البيئة.. السيرة الماشي بيها الإنسان من البداية هي محاولة لأن يوجد تواؤم بينه وبين بيئته.. وهو يصارع في البيئة، القوى البيقدر عليها يناجزها، ويصارعها، ويحاربها.. القوى الما بيقدر عليها يهادنها، ويسالمها ويتعبدها، فنشأت الصورة في الدين، وفي العلم، النحن هسع إتكلمنا عنو في صورة العلم الإجتماعي.. نشأة واحدة.. نحن نحب أن نجي لي اللحظة اللي يجب أن نفك التعارض الفي الحقيقة قائم بين العلم والدين.. العلم والدين نشأوا نشأة واحدة، وفي وقت واحد، لكن العلم سار بخطوات أكبر، والدين سار بسير وئيد، لأنه الدين يبرتكز على العقيدة والتسليم اكثر مما بيرتكز العلم.. العلم بيرتكز على الفكر، وعلى التدبير، وعلى التجربة، وعلى تصحيح الخطأ اليمكن أن توصلنا ليهو التجربة.. لكن يمكن من الأول أن نقول "العبادة" و"الآلة".. يعني مثلا ً لما الإنسان وجد القوى الهائلة، الكبيرة، الما بستطيع أن يناجزها لا بد ليهو أن يتملقها، لا بد ليهو أن يقرب ليها القرابين، لا بد ليهو أن يهادنها، نشأت عبادته ليها.. بعدين القوى اللي يمكنه أن يناجزها إختار الآلة لمناجزتها.. الآلة دي قد تكون سلاح الحجر في العصر الحجري، أو العصا، ثم إتطورت إلى أن بلغت، الحجر القديم بصورته ديك، إتطور إلى أن بقى القنبلة الهايدروجينية.. الدين برضو مشى في موكبه، إتطور في مراحله المختلفة، وفي رسالاته المختلفة، إلى أن بقينا نحن في موقفنا الحاضر، نحتاج لأن ننظر في أمره، وفي مفارقته للعلم، و يجب أن تكون في مزاوجة، ومواءمة وإتساق بينه وبين العلم..
فالدين بالمعنى دا: "الدين المعاملة".. والمعاملة قادعتها: (فمن يعمل مثال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره).. ودي مطبقة على جميع الأحياء.. دي هي السيرت الإنسان في مراقي النمو الجسدي.. الإنسان نشأ كحيوان إتطور لغاية ما ظهر فيهو العقل.. وأخذ زمن طويل، ووئيد في نشأته دي، لغاية ما ظهر العقل.. ظهر العقل من خلال الصراع مع البيئة، ومن البيئة الأعداء البشرين، والأعداء الحيوانات البتحيط بيهو، والأعداء من القوي الصماء اللي ساقتنا الي أن ندبر، وأن نقدر، و أن نسوق مجتمعنا في طريق التخطيط، وفي طريق التنفيذ، في التنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية.. الانسان في مضماره، في مسألة الصراع، اخترع اختراعات كبيرة، كما قلنا، منها المجتمع.. والمجتمع أكبر وسيلة من وسائل فرصة الانسان ليعيش في حرية، وفي وئام، دي انك انت لما تكون في الجماعة بتكون آمن.. لمن تكون في الجماعة، بيكون في توزيع العمل، بتجد فرصة من الفراغ.. ونحن ماشين، وباستمرار، لأن نوفر أنفسنا من العمل المضني، والطويل، البستغرق كل وقتنا، لنجد فرصة الفراغ لنستثمرها في مسائل اللي قبيل قلنا انه الانسان ما بيعيش ليأكل، وانما بيأكل ليوفر الفراغ البيهو يحقق أعمال أكبر من مجرد الحياة..
اذا كان واضح عندنا مواكبة العلم والدين لبعض، يمكن أن نجيء للمرحلة الأخيرة.. المرحلة الأخيرة هي مرحلة التنمية الاجتماعية بوسائل العلم الحديث.. في دراستنا للمجتمع البشري.. مجتمعنا البشري نامي، ومتطور، وماشي ليحقق للأفراد كرامتهم.. لكن تفكيرنا الاجتماعي في المرحلة الحاضرة مرتطم بحقائق عايزة تجلية، وعايزة دقة.. المجتمع!! هل هو أهم من الفرد، أم أن الفرد أهم من المجتمع!! المشكلة دي هي مشكلة التفكير الاجتماعي الحاضر، وبخاصة التفكير الاشتراكي.. المجتمع عندما تطور في الصراعات الكثيرة، وكان مظاهر عمله كلها ضد الفرد، سار الي ان نشأت الأفكار الاشتراكية من صراعات بين الطبقات.. الطبقات فيها الأفراد القلائل المتميزين بالثروة – بالرق – باسترقاق الآخرين.. المسترقين، وأصحاب الرقيق.. ثم مشت المسألة لي قدام لغاية ما تطورت مسألة الرقيق بصورته دي الي أن يصبح العمال في الأرض، وأصحاب الاقطاع.. مشت المسألة لي قدام.. بعد صور الاقطاع المختلفة ما اتصفت، في أوقات ازدهار الصناعات، الي الراسمالية، العامل وأصحاب العمل.. الصراعات المستمرة دي ساقت، مع خلفيات التاريخ الطويل، ساقت المفكرين الاجتماعيين الي أن يعتبروا انه الفرد ما مهم.. مهم الجماعة، لأن الجماعة بتعيش في بؤس طويل جدا، سببه، الي حد كبير، الأفراد المالكين، سواء كانوا مالكين للرقيق، أو مالكين للاقطاعية، أو مالكين للمصانع.. الصراع دة أدى فكرة أنه المجتمع هو المهم، والفرد ما مهم!!
نحن، في المرحلة الحاضرة في التخطيط في التنمية الاجتماعية نحب أن نقف لنقول: ما هو غرض التنمية الاجتماعية؟؟ هل هي أنه المجتمع يتحسن في عدده – في كمه، ثم في كيفه؟؟ ثم اعتباراتنا تكون للمجتمع في التنمية الاقتصادية بصورة معينة، حتي أنه كل شيء مطوع ليها؟؟ أم أن التنمية الاجتماعية المقصود منها، وراء المجتمع، الفرد؟؟ وانا بفتكر أنه دا المحك اليمكن أن تدوه اعتبار كبير، في أنه دا مقاس التفكير الاجتماعي السليم.. نحن بنخطط للتنمية، هل لنبرز الفرد الحر، الكامل، السعيد، أم لنبرز المجتمع المتكافل، المتعاون، المنمي في عدده وفي كمه؟؟ الكم دا مقاسه الأفراد، أم مقاسه مستوي الجماعة بالصورة اللي عند التفكير الاشتراكي الماركسي المعاصر؟؟ أنا بفتكر انه النقطة دي هي النقطة البتسوقنا الي الدين.. ويمكن المفارقة بين الدين وبين التفكير المعاصر الاجتماعي.. المفارقة بتظهر في الحد دا.. العبارة النحن قررناها في الأول أنه الانسان كان، والمجتمع لم يكن، أحب أن يكون في توكيد ليها.. وفي الحقيقة أنه الصورة دي، لو نحن فكرنا لي قدام، البشرية ماشة لأن يكون الفرد، وما يكون المجتمع مهم.. يعني نحن ماشين متطورين بصورة تبرز الفرد المستغني.. دا يمكن المعنى البجينا بيهو الدين.. الدين، من الأول، لو لاحظنا، هو محاولة لأن ينتصر الفرد علي بيئته.. وبرزت لينا في صورة أنه اخترع المجتمع.. بالشريعة الدينية جاء المجتمع.. أيشمعنا الشريعة الدينية؟؟ (وأنا بعني بيها الشريعة الاسلامية).. التشريع الاسلامي هو النشأ بيه المجتمع الأولاني.. أنا أحب أن يكون الأمر دا واضح هو أنه أول ما نشأ من التشريع، أو العرف، اللي حوله نشأت الجماعة، وهو العرف البينظم الغريزة الجنسية، والعرف البينظم الملكية الفردية.. ودا بيجينا بوضوح من أوكد تشاريع الاسلام.. أوكد تشاريع الاسلام الحدود.. وتلي تشاريع الحدود تشاريع القصاص.. وتشاريع القصاص في غاية الانضباط.. أما تشاريع الحدود ففي نهاية الانضباط.. لا يمكن للانسان أن يري أي خلل فيها.. وزي ما قلنا انها هي تشاريع قائمة علي ما وراء الدين، ما وراء العقيدة، حياة الأحياء قبل أن يجيء البشر ليكون عندهم عقول ويخاطبوا بالأديان، وبالحرام والحلال.. كانت القاعدة في مسألة الدقة في تشريع الحدود، وتشريع القصاص، يمكن أن نقول أنه (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره* ومن يعمل مثقال ذرة شر يره).. التي هي في صراع الأحياء مع البيئة.. لمن جات الشريعة، في صور التنصيص، جات منها العين بالعين، والسن بالسن.. الشريعة اللي بدأت عندنا بصورة موكدة من التوراة، وجات هي شريعتنا نحن برضو، كما هي شريعة النصاري.. مؤكدة ماشة بالصورة دي، العين بالعين، والسن بالسن.. اللهي هي شريعة الدين في معنى أن الدين يعني الجزاء، (كما تدين تدان) – تعامل كما تعامل أنت الآخرين، لأنه المجتمع، ليكون موجود، بيتطلب أمر زي دا – بيتطلب انك انت حريتك يكون عندها حد – حريتك تنتهي عندما تبتديء حرية جارك.. اذا كان نحن لا بد أن نعيش في مجتمع متسالمين لا بد ان تكون عندك حد لحريتك.. نهاية حريتك هي بداية حريتي انا.. أها دا الدين.. (كما تدين تدان) بالمعنى دة.. جات العين بالعين، والسن بالسن فيها تطبيق لقيمة هي، في الحقيقة، سابقة علي العقيدة زي ما قلنا وحكي عنها القرآن بـ: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره* ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)، جات هنا في مجتمعنا البيعتدي علي واحد يقلع عينه تقلع عينه.. عشان يستطيع أن يعامل بتصور، وبتخيل، وبذكاء، عندما يسلك في الناس، إيه مبلغ الألم البيلحقو بيهم بالكلمة الجارحة، أو بالفعلة الشنيعة..
مسألة الحدود أدق من مسألة القصاص.. وأهي مسألة القصاص انتو شفتو دقتها.. مسألة الحدود. نحنا عندنا أربعة حدود.. عندنا الحدود في الاسلام أربعة اللي هي: الزنا، والقذف اللي هو التهمة بالزنا، والسرقة، وقطع الطريق.. يمكنك أن تقول: الأربعة ديل بيتلخصوا في اثنين: حفظ العرض –الزنا والقذف.. وحفظ المال –السرقة وقطع الطريق.. ولانضباط قوانين الحدود بالصورة دي قيل انها هي حق الله، يعني يمكن للحاكم أن يعفو في أمر القصاص، لو فرض أنه واحد قلع عين آخر ثم المقلوعة عينو عفا، يمكن للحاكم أن يعفو.. لكن في مسألة الحدود، اذا بلغت الحاكم، وقام الركن في حقها، لا تعفي.. النبي لا يمكن أن يعفا السرقة مثلا.. يمكن أن يعفو اذا كان واحد ضرب واحد كف كسر سنه، بعدين المكسورة سنه عفا.. النبي يعفو اذا رأي أنه يعفو لاصلاح الاثنين.. علي الأقل بخفف العقوبة فيما يخص القصاص.. لكن في ما يخص الحدود لا يكون في عفو اطلاقا.. لا يملكه انسان.. دا حد الله - حق الله.. هو قايم علي شيئين، منهم الأربعة.. في نعم حد الخمر، لكنه ماهو في انضباط الحدود الأربعة بالصورة دي.. المال..