إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

عقيدة المسلمين اليوم!!

الخلق ليس من العدم:


ومن فساد العقيدة عند المسلمين اليوم، الظن بأن الله قد خلق الوجود من العدم .. فهذا الظن يجعل للعدم وجوداً مع الله، منه استمد الخلق .. وعلى الرغم ممّا في هذا الظن من تناقض، اذ كيف يجئ الموجود من المعدوم؟! الا انّه ظن شائع بين المسلمين .. وقد استنكره القرآن في قوله تعالى: (أم خلقوا من غير شئ؟! أم هم الخالقون؟!) .. فكأن قولهم بأنهم خلقوا من غير شئ من (العدم)، هو مستوى من الشرك، يشابه القول بأنهم هم الخالقون .. فالخلق لا يستمد من غير الموجود، وانّما يستمد من الموجود كامل الوجود .. والله تعالى غير مسبوق بعدم، ولا هو مصحوب بعدم، ولا متبوع بعدم، عن كل ذلك تعالى الله علواً كبيراً .. والله تعالى قد خلق الوجود من ذاته، والى ذلك تشير الآية الكريمة: (يأيها الناس اتقوا ربّكم الذي خلقكم من نفس وأحدة، وخلق منها زوجها، وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساء ..) فالنفس الواحدة، في الحقيقة هي نفسه تعالى، وآدم هنا مشمول بخطاب (يأيها الناس) .. فآدم لم يكن بداية الخلق، وانّما هو مرحلة متقدمة منه .. ثم النفس الواحدة، بعد ذلك هي نفس آدم .. والى نفس هذا المعنى الاشارة بقوله تعالى: (وسخّر لكم ما في السموات، وما في الارض، جميعاً منه .. ان في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون ..) فالآية تفيد، الى جانب التسخير، انّ جميع ما في السموات والارض مستمد من الله، وهذا هو معنى (منه)، من الآية، والا فانّ التعبير عن كون التسخير من عند الله تكفي، في الدلالة عليه، عبارة، (وسخّر لكم ما في السموات وما في الارض) .. فاضافة (منه) بعد ذلك، تضيف معنى جديداً، هو ما ذهبنا اليه من انّ جميع من في السموات والارض صادر من الله .. وتصحيح العقيدة في هذا المستوى امر هام، لأنه يعطي التصوّر الصحيح لصدور الانسان، ووروده .. فالانسان من الله صدر والى الله يعود، والى هذه العودة تشير الآية الكريمة: (يا أيها الانسان انّك كادح الى ربّك كدحاً فملاقيه) والآية الكريمة: (وانّ الى ربّك المنتهى) .. وحركة العودة الى الله، هي حركة من المحدود الى المطلق، ومن النقص الى الكمال، وهي حركة ليس لها انتهاء.