إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

بنك فيصل الإسلامي!؟

بنك فيصل الإسلامي السوداني


في 18 أغسطس 1977 ثم تسجيل بنك فيصل الإسلامي السوداني، وانشئت رئاسته بالخرطوم.. وقد تم ذلك بعد اجتماع جرى في مايو 1977 ضم خمسة وثمانين من الرأسماليين لسعوديين، والسودانيين وبعض دول الخليج – وقد تم في هذا الاجتماع الموافقة على تأسيس البنك، كما تم فيه الإكتتاب بين المجتمعين على نصف رأس المال المصدق به، قسمت الأسهم بواقع 40% للسعوديين و40% للسودانيين و20% للمسلمين من باقى الدول الإسلامية.. هذا ولقد اختار هذا الاجتماع الاول مجلس إدارة للبنك على النحو التالى:- الأمير محمد الفيصل رئيسا للمجلس مع 8 أعضاء من الجانب السعودي و7 أعضاء من الجانب السوداني و3 أعضاء من بقية الدول الإسلامية.
بدأ البنك برأسمال قدره 6 مليون جنيه سوداني ثم زيدت بعد عام من تأسيسه الى 10 مليون جنيه سوداني وذلك (نظرا للاقبال الكبير والحماس المتزايد من الجمهور لنيل شرف المساهمة في هذه المؤسسة المربحة دينا ودنيا..) كما يحدثنا التقرير التأسيسي للبنك الصادر في 31/10/1978م. وقد تم فتح أبواب البنك للجمهور في 10/5/1978م.


إعفاءت وامتيازات خاصة


عند انشاء البنك تحصل على مجموعة من الاعفاءات والامتيازات انفرد بها عن البنوك الخاصة الأخرى وعلى البنوك التجارية المملوكة للدولة، كفلت الحماية والتعامل غير المتساوي معها، فقد جاء في كتيب البنك (بنك فيصل أهدافه ومعاملاته) صفحة "5" – أنه استطاع الحصول من الدولة على الامتيازات والاعفاءات الآتية:-
(أ) كل أموال وأرباح البنك معفاة من جميع الضرائب
(ب) أعفيت من الضرائب الأموال المودعة بالبنك بغرض الاستثمار
(ج) أعفيت من الضرائب مرتبات واجور ومكافآت العاملين بالبنك واعضاء مجلس إدارته ومكافآت هيئة الرقابة الشرعية
(د) خول القانون محافظ بنك السودان اعفاء البنك من احكام القوانين المنظمة للرقابة على النقد في الحدود التي يراها مناسبة، وعند افتتاح البنك أعفى محافظ بنك السودان كل معاملات وتحركات رأس مال البنك وودائعه بالعملات الأجنبية من القوانين المنظمة للرقابة على النقد، وبهذا يكون لبنك فيصل الإسلامي السوداني الحرية الكاملة في تحويل واستخدام ودائعه ورأسماله بالعملات الأجنبية.
كما يتمتع البنك باعفاءات وامتيازات اخرى تضمن له حرية الحركة والمرونة، فالقوانين التالية غير ملزمه لبنك فيصل الإسلامي السوداني:-
1) القوانين المنظمة للخدمة وفوائد مابعد الخدمة.
2) قانون المراجع العام لسنة 1970.

بنك فيصل يتوسع باستغلال المنافسة غير المتكافئة


ولقد مكنت هذه الامتيازات والاعفاءات الخاصة لبنك فيصل الإسلامي السوداني منذ انشائه من الدخول في المجال التجاري بقدرة عالية على المنافسة، استطاع بها أن يحقق في وقت وجيز من انشائه أرباحا عالية، اذ بلغت الزيادة في صافي أرباحه لعام 1981 أكثر من 7,7 مليون جنيه سوداني. اذ ارتفع صافي أرباحه من 2,5 مليون جنيه عام 1980 الى 10,2 مليون جنيه عام 1981 (أى بزيادة اكثر من 33% في عام واحد)
وقد ادى هذا الارتفاع الهائل في الأرباح الى جذب أعداد متزايدة من أصحاب الودائع الاستثمارية االطامعين في التمتع بهذه الأرباح الميسورة والسريعة.. فقد ارتفع حجم الودائع الاستثمارية خلال الفترة من 79/80 الى 80/81 بنسبة 370% وقد أدى هذا الارتفاع في الأرباح، الى رصد مبالغ اضافية للإحتياطي المخصص بدعم أرباح المشاركات، والمستقطع من صافي الأرباح من 161 ألف جنيه عام 1979 الى 856 ألف جنيه عام 1981، مما يطمئن المشاركين للبنك، ويدفع مزيدا من المستثمرين الى الدخول معه في أعمال جديدة (راجع تقرير مجلس الإدارة للاجتماع السنوي العادي للمساهمين – الصادر في 26/3/1982). وقد انعكست هذه الامتيازات التي نالها البنك على قدرة البنك على تمويل عملياته الاستثمارية بصورة لم تتوفر للبنوك الأخرى. وقد استغل البنك بجانب ذلك صفة انشائه بقانون خاص لا يخضع لضوابط بنك السودان في التوسع في عملياته الاستثمارية، فقد ارتفع حجم التمويل لدى بنك فيصل بصورة هائلة، كما يحدثنا عنها مركز الدراسات والبحوث الانمائية بجامعة الخرطوم، في كتيبه "نحو فهم لنظام البنوك الإسلامية"، حيث بلغ ارتفاع حجم التمويل خلال عامين فقط من اعوام 79/80 الى 80/81 بنحو 318% بينما لم تتجاوز الزيادة في حجم التمويل لدى البنوك التجارية الأخرى مجتمعة نسبة 56%.. مما جعل البنك يحقق في عام مالي واحد ربحا قدره 10,2 مليون جنيه سوداني بنسبة 10.1% من رأسماله.. واذا علمنا ان أرباح هذا البنك غير خاضعة لضريبة أرباح الاعمال، لعلمنا كم من الأموال ضاعت على الخزينة العامة بسبب الامتيازات الخاصة التي يتمتع بها هذا البنك..