إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..
ثورة رفاعة ١٩٤٦: التاريخ بين المثقفين المصريين والمثقفين السودانيين
خالد الحاج عبد المحمود
رفاعة - ديسمبر ٢٠٠٢
ينعي د. خالد المبارك علي غيره من من تصدوا بالرد عليه، عدم الموضوعية، وهو اذ يفعل ذلك ، ينسي نفسه، فما هي الموضوعيه فيما كتبه هو ؟! فهو ينسب لثورة رفاعة انها قامت ضد قانون الخفاض الفرعوني، بصورة تجعلها وكأنها انما قامت لتدافع عن عادة الخفاض ولايورد اي دليل علي ذلك، بل اكثر من ذلك يتجاهل تماماً الادلة التي تدحض رأيه هذا، سوي كانت من منشور الجمهوريين 1946م ، أو الكتب الاخري التي ذكرناها .. وهو حتي عندما ذكر بذلك في الردود التي وردت عليه ، تجاهله تماماً، واصر علي موقفه، وكرره مرة أخري في مقالة له في جريدة الراي العام بتاريخ 9/12/2002م .. فقد جاء في ذلك المقال قوله :"وفي موقف مؤازر قاد الاستاذ محمود محمد طه انتفاضة احتجاج علي تحريم الخفاض الفرعوني .." هكذا !! هذا رجل مصر علي باطله .. وقد رأينا اوصافه التي وصف بها الاستاذ محمود وثوار رفاعة ، فقد وصفهم بانهم عوام وان موقف الاستاذ محمود كان رجعياً ومتخلفاً .. وعن ثورة رفاعة قال : "انتفاضة رفاعة المزعومة ليست من مآثرنا في النضال ضد الاستعمار بل هي من مخازينا" الي اخر ماقال !! وما معني كلمة "مزعومة" من عبارة "انتفاضة رفاعة المزعومة" ؟! هل يريد خالد المبارك أن يقول انها لم تحدث ؟ أن عبارته تعني ذلك ، فهذا أمر ليس غريباً عليه ، طلما انه ينسب للآخرين عكس مايقولون به ، في حقائق موثقة لاتجدي فيها المغالطة
أن د خالد المبارك لم يكن موضوعياً لا في الشكل ولا في المضمون وهو قد اعظم علي الله الفرية ، بصورة موبقة وفي اصرار وعناد .
د. خالد المبارك يتهم الاخرين اشنع الاتهامات بغير دليل ، ثم ينعي علي الاخرين عدم الموضوعية، حين ينسبون له الدفاع عن الاستعمار بالدليل الواضح، والموثق من اقواله هو !! فانت حين تهاجم خصوم الاستعمار وتقلل من شأنهم ، وتصفهم بانهم من العوام والرجعين وتسفه عملهم ضد الاستعمار، وتنتحل من عندك الاسباب الباطلة لتخطأته، والتقليل من شأنه، اليس هذا دفاعاً عن الاستعمار .. وليتك وقفت عند ذلك فان دفاعك عن الاستعمار قد جاء صريحاً، فانت تتبرع بالشهادة له ان بعض اعماله حسنة النية وخالية من اي غرض استعماري ، ينبع من طبيعته ، بل واكثر من ذلك تصف اعماله بالانسانية ، وتقول عن قراره في قانون الخفاض : "قرار تحديثي جرئ وسليم" فماذا يكون الدفاع إذا لم يكن هذا دفاعاً عن الاستعمار؟! قطعاً لاينتظر ان تحمل سيفك لتدافع عنه ، وقد مضي علي ذهابه قرابة نصف القرن .. ان الانجليز انفسهم لايستطيعون اليوم ، وبعد مرور هذه الفترة ان يقولوا ان اعمالهم في السودان حين كانوا يستعمرونه ، اعمالاً انسانية وتحديثية خالية من الغرض الاستعماري.
الاعتراف باسرائيل :-
أن منهج د. خالد المبارك في النقد وفي تقويم التاريخ ، وفي التفكير عموماً ، منهج غريب اشد الغرابة ، فهو لايتحدث كمفكر ، وانما يتحدث كسلطة ، يصدر القرارات في فورمانات سلطانية وينتظر من الاخرين السمع والطاعة .. فهو لايهمه ان يكون مايقرره مخالفاً للواقع أو حتي مناقضاً له .. وهو لايحتاج الي اقامة اي دليل على مايقول !! أسمعه مرة اخري يقول في هذا النص العجيب : "ولعل دعوة الاستاذ محمود محمد طه للاعتراف باسرائيل هي السبب المباشر للرعاية الحميمة التي ينالها اتباعه في الغرب اينما حلوا" !! ما هذا ؟ ماهي المناسبة ؟! إن عبارة "الرعاية الحميمة التي ينالها اتباعه في الغرب اينما حلوا"
هي خبر فأما ان يكون صادقاً أو كاذباً .. وهو محض افتراء ، كبقية إفتراءاته وهو كالعادة ، لا يحاول ان يقيم عليه اي دليل، لانه لن يجده .. أن مجرد هذا التعميم يدل علي ضعف شديد في التفكير ، فخالد المبارك قطعاً لايعرف كل الجمهوريين في الغرب ، ومن باب اولي انه لايعرف احوالهم فما اعرفه انا في هذا الباب بحكم صلتي ، اكثر مما يعرفه خالد المبارك بكثير .. فانا اعلم أن معظم الجمهوريين في الخارج يعملون خارج تخصصاتهم ، والكثيرين منهم يعملون اعمالاً هامشيه ، والقلة التي تعمل في مجال تخصصها ، لاتعامل في مستوي تأهيلها الاكاديمي والفني .. وهذا أمر ليس خاصاً بالجمهوريين وأنما هو امر ينطبق علي كل الاجانب الوافدين علي الغرب .. فالحياة في الغرب تقوم علي نظام رأسمالي لايعترف بسوي الكفاءة والاداء .. وكل شركة أو مؤسسة أو جامعة في الغرب لها نظامها وقوانينها ، وضوابطها في العمل التي تلتزم بها بصرامة ولاتحيد عنها لاعتبارات عاطفية .. ولاتوجد سلطة فوقية في الغرب تفرض علي المؤسسات اساليب تعاملها مع موظفيها وعمالها ، وليست الدولة هي المسؤولة عن التوظيف ، كما هو الحال في الانظمة الشمولية التي يبدو انها معشعشة في ذهن خالد المبارك .. ان عبارة خالد المبارك هذه افتراء ، وكذب صريح ، ثم هو كذب ساذج لا يجوز علي احد .. ولكن اعرف من الجمهوريين ، من يمكن ان يكون له وضع مميز ، فمثلاً د. عبد الله أحمد النعيم أكاديمي متميز تحفظ له جامعته مكانته ، وحقه الذي يؤهله له مستواه الاكاديمي وخبرته ، وهو ليس بدعاً في ذلك ، فان كل الاكاديمين النابهين ، اصحاب الكفاءة الواضحة ، الوافدين علي الغرب يجدون في جامعاته القبول ، والوضع المادي والعلمي المريح ، فانا اعرف مثلاً، من أمثال هؤلاء النابهين د. صلاح أحمد الفحل ، لانه من ابناء وطني ، فهو اكاديمي متميز وجد كل تقدير من جامعته ومن الاوساط التي يعمل بها .. فاذا اردت ان تكون من امثال هؤلاء ، وتملك الموهبة التي تؤهلك ، فانت لست في حاجة للتنقيص من قدرهم، فالباب أمامك مفتوح، ولن يسألك أحد: هل تؤيد قيام دولة أسرائيل أم لا .. أن النفس السليمة، تشعر بالفخار، عندما تجد نجاح أحد ابناء وطنها ، في مجال من المجالات، والعكس صحيح.. يبدو أن هذه المنطقة ، هي منطقة مكمن الداء !!