إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

تنظيمات الهوس الديني
ونموذج الأخوان المسلمين (١)

د. أحمد المصطفى دالي


العنف والجهاد المزيف عند الاخوان المسلمين


لقد قامت حركة الأخوان السملين على العنف والدعوة للجهاد لتحطيم "الجاهلية"، منذ يومها الأول، تماما كما سطر لها في مؤلفات مؤسسيها في مصر.. والأخوان المسلمون يعنون بالجاهليين، والجهلاء، كما أسلفنا، كل من يقف في طريق دعوتهم الفارغة المحتوى، التي اعتمدت ولا زالت تعتمد على الشعارات الفارغة مثل "الإسلام هو الحل"، "وهي لله لا للسلطة ولا للجاه"، والتي تتمسح بالإسلام وتعبث بعواطف البسطاء من محبي الدين.
جاءت دعوة الأخوان المسلمين للجهاد في كتبهم المختلفة وبخاصة كتاب "معالم في الطريق"، لسيد قطب والذي قامت بطباعته وتوزيعه، في مرحلة من المراحل، وزارة المعارف السعودية (الوهابية):
يقول سيد قطب:
"ذلك أنهم يعتبرون كل نص منها كما لو كان نصًا نهائيًا، يمثل القواعد النهائية في هذا الدين، ويقولون - وهم مهزومون روحيًا وعقليًا تحت ضغط الواقع اليائس لذراري المسلمين الذين لم يبق لهم من الإسلام إلا العنوان: أن الإسلام لا يجاهد إلا للدفاع! ويحسبون أنهم يسدون إلى هذا الدين جميلا ًبتخليه عن منهجه وهو إزالة الطواغيت كلها من الأرض جميعًا، وتعبيد الناس لله وحده، وإخراجهم من العبودية للعباد إلى العبودية لرب العباد! لا بقهرهم على اعتناق عقيدته، ولكن بالتخلية بينهم وبين هذه العقيدة.. بعد تحطيم الأنظمة السياسية الحاكمة، أو قهرها حتى تدفع الجزية وتعلن استسلامها والتخلية بين جماهيرها وهذه العقيدة، تعتنقها أو لا تعتنقها بكامل حريتها" إلى أن يقول:
"والذي يدرك طبيعة هذا الدين - على النحو المتقدم - يدرك معها حتمية الانطلاق الحركي للإسلام في صورة الجهاد بالسيف - إلى جانب الجهاد بالبيان - ويدرك أن ذلك لم يكن حركة دفاعية - بالمعنى الضيق الذي يفهم اليوم من اصطلاح "الحرب الدفاعية" كما يريد المنهزمون أمام ضغط الواقع الحاضر وأمام هجوم المستشرقين الماكر أن يصوروا حركة الجهاد في الإسلام - إنما كان حركة اندفاع وانطلاق لتحرير الإنسان".
ولقد استعان الأخوان المسلمون في السودان بكل آية، وكل حديث، وتفسير، في شأن الجهاد من أجل تبرير قتال إخواننا في جنوب السودان، وحركوا آلياتهم الإعلامية وأخرجوا البرامج التلفزيونية مثل "ساحات الفداء" لبث الأفهام المغلوطة للإسلام، والاستدلال بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية في غير زمانها ومكانها.. وقاموا بنشر الأكاذيب، وادعوا أن الملائكة تقاتل معهم وإلى جانبهم، وأن السماء تنزل المطر على مجاهديهم لسقياهم، وأن القردة تتقدم فيالقهم لتفديهم بتفجير الألغام الأرضية التي يزرعها العدو في طرقهم، وأن ريح المسك تفوح من أجساد موتاهم، إلى آخر تلك الأكاذيب والترهات التي انتهت إلى هزيمتهم أمام جيوش الحركة الشعبية التي وصموها بالكفر، ليجيء قائد تلك الجيوش "الكافرة"، سلفاكير مارديت، ليكون، وهو المسيحي المقاتل للمسلمين بزعمهم، ليكون النائب الأول لرئيس الجمهورية "الإسلامية"!
وبالإضافة إلى الجنوب، أشعل الأخوان المسلمون الحروب الجهادية في غرب السودان، في دارفور وكردفان، بالإضافة إلى جنوب النيل الأزرق. وهي حروب أهدرت فيها أرواح آلاف الأبرياء غير أن النظام اعترف منها بعشرة آلاف فقط. كما أعترف البشير نفسه بأنهم قتلوا الأبرياء لأتفه الأسباب حيث قال في حديث مصور منشور في الإنترنت: "فكيف ربنا يستجيب دعانا ونحن، وأقول نحن يا جماعة، ونحن دا من الرئيس عمر البشير مروراً بالتيجاني لحد ما نصل لآخر واحد شايل بندقية، كلنا.. وكل واحد عايز أنو ربنا يستجيب دعاه ويتقبل عمله، كيف يمكن يكون دا؟.. كيف دا ونحن بنقتل وبنسفك دماء المسلمين لأتفه الأسباب.. أنا بقول لأتفه الأسباب، ما في حدث كبير في دارفور، لما جينا شفنا البداية لقيناه والله العظيم ما بستحق يذبح ليه خروف خلي يذبح بني آدم. كيف نحن استحلينا دماء المسلمين ونحن نعلم تماماً أن زوال الكعبة أهون عند الله من قتل نفس مؤمنة.. ونعلم أنو قاتل النفس المؤمنة، أنا غايتو قدر ما قلبت، ما بعرف أنا ما عالم، لكن في علماء قاعدين هنا، في شيوخ وفي حفظة، في بتاعين حديث، أنا لقيت أنو أي خطأ عندو كفارة في الدنيا إلا قتل النفس المؤمنة"..
وأعتدى الأخوان المسلمون على المسيحيين في الخرطوم، وعلى كنائسهم، واستولوا على النادي الكاثوليكي حيث أقاموا فيه رئاسة المؤتمر الوطني "حزب جماعة الأخوان المسلمين"..
ولقد رأي السودانيون، ومن رائهم كل العالم، ما قاله قائدهم الترابي في استباحتهم للدماء في محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك، والتوصية بقتل الناجين الذين قاموا بمحاولة الاغتيال من (المجاهدين) الذين أرسلوهم لتنفيذ العملية الجهادية.
كما رأى السودانيون، وعاشوا، القتل والاغتيال وتجارب بيوت التعذيب الممنهج على يد الأخوان المسلمين، فيما أشتهر في السودان "ببيوت الأشباح" والتي وصفها القيادي الأخ المسلم المحبوب عبد السلام في كتابه: "الحركة الإسلامية – دائرة الضوء – خيوط الظلام" حيث قال مشيرا لحركة الأخوان المسلمين:
"قامت بتأسيس مراكز اعتقال خاصة فيما عرف لاحقاً ب (بيوت الأشباح)، تمددت فيها الاعتقالات عشوائية واسعة تأخذ الناس بأدنى شبهة بلا تحقيق أو محاكمة، ولكن بتعذيب وإهانة لكرامة الإنسان لا يقرها مطلقاً الإسلام. ورغم أن عناصر الأجهزة لم يعدموا من يفتي لهم بجواز التعذيب في الإسلام في مأساة فكرية تضاف للمأساة الأخلاقية" إلى أن قال المحبوب: "زاول التعذيب في بيوت الأشباح عناصر من الاستخبارات العسكرية، شاركتهم عناصر من أبناء الحركة الإسلامية وعضويتها، وجرت بعض مشاهده أمام عيون الكبار من العسكريين والملتزمين وقادة أجهزة الحركة الخاصة ......." وتابع المحبوب ليقول: "وإلى تلك الجماعة وتلك الروح تعزى المجزرة المتعجلة التي ارتكبتها قيادة الثورة وقيادة الحركة ممثلة في النائب العام في (28) من ضباط القوات المسلحة – رحمهم الله – وأضعاف العدد من ضباط الصف، بعد محاولة انقلابية فاشلة...."