إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

تنظيمات الهوس الديني
ونموذج الأخوان المسلمين (١)

د. أحمد المصطفى دالي


إنسجام فكر الأخوان المسلمين مع الفكر الوهابي والجماعات المتطرفة


خرج أيمن الظواهري على تنظيم الأخوان المسلمين، ولتطابق الفكر الوهابي مع فكر الأخوان المسلمين، لم ير الدكتور أيمن الظواهري، بعد إثبات مفارقة تنظيم الأخوان المسلمين لتعاليم مؤسسي الحركة، وعلى الشريعة الإسلامية، لم ير الظواهري بعد خروجه، أي إشكال مفهومي في الانضمام لتنظيم القاعدة والعمل تحت قيادة أسامة بن لادن "الوهابي"، ثم مبايعة الملا عمر، زعيم طالبان الأفغانية، والتي تنتمي للفكر "الوهابي" أيضا، أميراً للمؤمنين!!
و كدليل على انسجام الفهم الوهابي مع الفهم الإخواني نذكر تبني وطباعة وتوزيع وزارة المعارف السعودية (الوهابية) لكتب الإخوان المسلمين بخاصة كتاب سيد قطب "معالم في الطريق". وتبني وتوزيع الأخوان المسلمين لكتب الوهابية التي تطبع بسخاء منقطع النظير في المملكة العربية السعودية. كيف لا وقد كان القيادي في التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، كمال الهلباوي، في الفترة من 1982- 1987، رئيساً للجنة مستشاري بناء المناهج المدرسية، في وزارة المعارف السعودية.
ومعروف أن حركة الوهابية قامت منذ نشأتها الأولى على العنف والوصاية وموالاة الملوك.. ولم تسلم من عنف وتطرف منتسبيها قباب الأولياء وقبور الصالحين بل ولا حتى آثار التاريخ.. ولقد اعتمدت الجماعات الوهابية في تمويل حركتها وبناء مساجدها على هبات ملوك السعودية لقاء موالاتهم والدفاع عنهم، كما اعتمدت حركة الاخوان المسلمين في السودان في تمويلها لأنشطتها على البنوك السعودية (الإسلامية)، وذلك قبل أن تستلم السلطة وتستغلها في إثراء قادتها وتنظيماتها.. أما إذا رجعت لبقية حركات الهوس الديني التي غطت الكرة الأرضية، ونمت كما ينمو الدِّر، فستجد أن غالبية قادتها وقواعدها من خريجي المعاهد والجامعات السعودية الوهابية التي صرفت البلايين على نشر الفكر الوهابي في العالم ومن ثمّ تأهيل أعضاء وقيادات هذه التنظيمات، ثم تشييد المراكز والمساجد والمعاهد لها. وليست تجربة طالبان أفغانستان وطالبان باكستان ببعيدة عن الأذهان. فلقد تولت المساجد في السعودية الدعوة المنتظمة لانضمام الشباب في الخليج وفي غيره من أنحاء الأرض إلى عملية الجهاد أيام الحرب ضد الاتحاد السوفيتي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وتنسيق السفر والإقامة في ارض الجهاد في أفغانستان وباكستان.
ولم تفق السعودية من غفلتها تلك حتى عاد أولئك الذين تدربوا على القتال في أفغانستان إلى موطنهم في السعودية، وشرعوا في قتال النظام الملكي السعودي نفسه، مما قاد إلى نزع الجنسية من مؤسس تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، وإعلان تنظيمي القاعدة والأخوان المسلمين تنظيمين إرهابيين إلى جانب تنظيمات أخرى تنتهج، للعجب، نفس المذهب الوهابي الذي ترعاه المملكة السعودية. ولقد أنفقت السعودية الأموال ثم كانت عليها حسرة كما أصبح واضحا للعيان.

المملكة السعودية الوهابية وجماعة الأخوان


وأخيراً، تعارضت المصالح، فقامت المملكة السعودية باستصدار الفتاوي من علمائها (علماء السلطان) الذين وصفوا هذه التنظيمات، التي رعتها المملكة، ومولتها، طوال حياتها، بأنها تنظيمات إرهابية خارجة على تعاليم الإسلام. وسحبت كتب الأخوان المسلمين، أمثال حسن البنا، وسيد قطب، والقرضاوي، والمودودي من المكتبات المدرسية والتجارية، بعد أن كانت تتولى طباعتها وتوزيعها.
قالت وكالة رويتز في 8 مارس 2014: "الرياض (رويتز): أعلنت السعودية الإخوان المسلمين جماعة إرهابية ........... وقالت وزارة الداخلية السعودية في بيان نشر في وسائل الإعلام الرسمية إن المملكة أعلنت أيضا جماعتي جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) اللتين تقاتلان في سوريا للإطاحة بالرئيس بشار الأسد جماعتين إرهابيتين"
كما أوردت قناة العربية المحسوبة على السعودية في 1 ديسمبر 2015 خبر سحب كتب الأخوان المسلمين من المكتبات السعودية حيث جاء:
"ذكرت وسائل إعلام سعودية أن وزارة التعليم السعودية أصدرت تعميماً على جميع الإدارات التعليمية التابعة لها بسحب نحو 80 كتاباً من مكتبات ومراكز مصادر التعلم في المدارس لعدد من المؤلفين، مثل سيد قطب وحسن البنا ويوسف القرضاوي..
وشدد التعميم على ضرورة تسليم تلك الكتب إلى مكاتب التعليم في موعد أقصاه أسبوعان، ومنع إدراج أي محتوى مقروء داخل المكتبات عدا تلك الواردة من الوزارة، بحسب وسائل الإعلام..
كما تضمّن التعميم أسماء الكتب المراد سحبها، من بينها كتاب "الله في العقيدة الإسلامية"، و"الوصايا العشر" لحسن البنا، وكتاب "الحلال والحرام" ليوسف القرضاوي، وكتاب "شبهات حول الإسلام"، و"المستقبل لهذا الدين"، و"معالم في الطريق" لسيد قطب..
كذلك شمل العديد من مؤلفات أبو الأعلى المودودي، ومالك بن نبي، وعبدالقادر عودة، ومصطفى السباعي، وأنور الجندي، وحسن الترابي.".
ولقد يرى القارئ مدى التخبط الذي تعيشه السعودية التي ما فتأت تحارب الأفكار بمصادرة الكتب، جاهلة أم متجاهلة لحقيقة أن الوصول إلى هذه الكتب قد أصبح أمرا ميسورا بوسائل التواصل المختلفة بصورة لا تخطر على أذهان مشايخها شبه الأميين.
هذا ولا يخفى على المتابع السياسي تخبط المملكة السعودية التي تحارب الآن في اليمن وفي سوريا وهي من حيث لا تدري تمكن لنفس جماعة الأخوان المسلمين التي تحاربها. فعندما تحارب السعودية جماعتي الحوثي وعلى عبد الله صالح تنسى أنها في نفس الوقت تهيئ أرض اليمن لتنظمي القاعدة والأخوان المسلمين. وأنها عندما تقوم بمساندة وتسليح من تمت تسميتهم "المسلمين المعتدلين" في سوريا، إنما تسلح جماعة الأخوان المسلمين، الذين تدخل رئيس تركيا أردغان أيضا لدعمهم بالأسلحة والجنود.