(القصر الجمهوري ـالخرطوم ـ 3 نوفمبر1968 صاحب الفضيلة الأستاذ السيد الأمين داود..
تحية طيبة وبعد
فقد وصلتني هديتكم العظيمة المفيدة وقد تصفحتها وسررت بما قمتم به فيها من دفاعكم عن الحق، بدحضكم لمفتريات محمود محمد طه هذا وأرجو أن يتخذ ضده الإجراء الرادع .. هذا وأرجو أن يجزيكم الله خير الجزاء على عملكم هذا مع احترامي و سلامي..
المخلص: الفاضل البشرى المهدي
عضو مجلس السيادة
بهذا الخطاب شهد الشيخ الأمين بقلمه على تورط مجلس السيادة في تدبير هذه المكيدة السياسية، وقد أيد السيد الصادق المهدي رئيس الوزراء هذه المحكمة، إقرأ إن شئت ما نشرته عنه صحيفة " أنباء السودان" بتاريخ 29/11/1968م:
" علق السيد الصادق المهدي علي آراء الأٍستاذ محمود محمد طه الأخيرة بقوله: إن أفكار رئيس الحزب الجمهوري خارجة عن نطاق الدين والشريعة الإسلامية وإن التفكك والانحراف الذي تعيشه بلادنا هو الذي سهل من قبل لدعاوى الكفر والإلحاد أن تتفشى، وإذا أردنا حقا القضاء على الردة والإلحاد فيجب أن نسعى جميعا لإقامة دولة الإسلام الصحيحة، وأضاف: بأن الوضع الحالي كله خارج الشريعة الإسلامية، وهذا ما مهد قبلا لإعلان مثل هذه الأفكار والدعاوى الغريبة دون ان تجد من يردعها ..) انتهى....
(أوردت صحيفة الرأي العام الصادرة اليوم، بالعنوان الكبير، عبارات:المحكمة الشرعية العليا تحكم بردة محمود محمد طه وأمره بالتوبة عن جميع أقواله!!
أقرأ مرة ثانية: وأمره بالتوبة عن جميع أقواله!!
هل سمع الناس هوانا كهذا الهوان؟ هل أهينت رجولة الرجال، وامتهنت حرية الأحرار، واضطهدت عقول ذوى الأفكار، فى القرن العشرين فى سوداننا الحبيب، بمثل هذا العبث الذى يتورط فيه القضاة الشرعيون!؟ ولكن لا بأس، فإن من جهل العزيز لا يعزه.. ومتى عرف القضاة الشرعيون رجولة الرجال، وعزة الأحرار وصمود أصحاب الأفكار؟؟
إن القضاة الشرعيين لا يعرفون حقيقة أنفسهم.. ومن الخير لهم وللإسلام، ولهذا البلد الذي نفديه، أن نتطوع نحن ، فنوظف أقلامنا ومنبرنا لكشف هذه الحقيقة..
أما الآن، فإني وبكل كرامة، أرفض هذه المهانة التي لا تليق بي، ولا يمكن أن تُوجَّه إليَّ ، ولا يمكن أن تعنيني بحال.. فقد كنت أول وأصلب من قاوم الإرهاب الاستعماري فى هذه البلاد.. فعلت ذلك حين كان القضاة الشرعيون يلعقون جزم الإنجليز، وحين كانوا في المناسبات التي يزهو فيها الاستعماريون يشاركونهم زهوهم، ويتزينون لهم بالجبب المقصبة المزركشة، التي سماها لهم الاستعمار(كسوة الشرف) وتوهموها هم كذلك، فرفلوا فيها واختالوا بها وما علموا أنها كسوة عدم الشرف..
أما إعلانكم ردتي عن الإسلام فما أعلنتم به غير جهلكم الشنيع بالإسلام.. وسيعلم الشعب ذلك مفصلاً في حينه.. وأما أمركم لى بالتوبة عن جميع Hقوالى، فإنكم أذل وأخسأُ من أن تطمعوا فىَّ.. هل تريدون الحق أيها القضاة الشرعيون؟
إذن فاسمعوا: إنكم آخر من يتحدث عن الإسلام.. فقد أفنيتم شبابكم فى التمسح بأعتاب السلطة، من الحكام الإنجليز الى الحكام العسكريين.. فأريحوا الإسلام وأريحوا الناس من هذه الغثاثة...) انتهى..
محمود محمد طه
رئيس الحزب الجمهوري
أمدرمان
( والآن، فإننا ندق ناقوس الخطر بمناسبة الحديث عن القوانين، وعن تعديلها مما يجعلها تتمشى مع الشريعة الإسلامية، لا سيما وقد دخل على عضوية اللجنة حسن الترابي وجعفر شيخ ادريس، وهما من قادة الأخوان المسلمين ومن زعماء جبهة الميئاق الإسلامي المتحالفة مع الطائفية لفرض الدستور الإسلامي المزيف على هذا الشعب المنكوب بأدعياء الدين، وبأدعياء الوطنية.. واليوم تعود مايو بإدخالها لزعيمي الأخوان المسلمين في لجنة تعديل القوانين إلى موقف يشبه من الناحية النظرية على الأقل، ما كان عليه الحال قبل مايو 1969م.. ونحن في مثل هذا التقدير نختلف مع مايو ) انتهى..
( نحن أخرجنا من المعتقلات لمؤامرة !!
نحن خرجنا فى وقت يتعرض فيه الشعب للإذلال والجوع، الجوع بصورة محزنة.. ونحن عبر تاريخنا عرفنا بأننا لا نصمت عن قولة الحق.. وكل من يحتاج أن يقال ليهو في نفسه شئ قلناهو ليهو!! ومايو تعرف الأمر دا عننا!!
ولذلك أخرجتنا من المعتقلات لنتكلم لتسوقنا مرة أخرى ليس لمعتقلات أمن الدولة، وإنما لمحاكم ناس المكاشفى!!
لكن نحن ما بنصمت!!
نميري شعر بالسلطة تتزلزل تحت أقدامو فأنشأ هذه المحاكم ليرهب بها الناس ليستمر فى الحكم.. واذا لم تكسر هيبة هذه المحاكم لن يسقط نميرى، واذا كسرت هيبتها، سقطت هيبته هو وعورض وأسقط !!
نحن سنواجه هذه المحاكم ونكسر هيبتها، فاذا المواطنين البسيطين زى الواثق صباح الخير لاقوا من المحاكم دي ما لاقو فأصحاب القضية أولى !!).. انتهى..
(أولا: أنا المسئول الأول والأخير عن كل ما يدور حول حركة الجمهوريين داخل السودان وخارجه..
ثانيا: إذا في إنسان قال قوانين سبتمبر مخالفة للشريعة، لا يتهم بأنه ضد الشريعة وإنما يفهم أنه ضد قوانين معينة، بل هو يدافع عن الشريعة.. ويمكن أن يسأل عن برهانه على تلك المخالفة..
ولكننا نقول إن الشريعة الإسلامية على تمامها، وكمالها، حين طبقها المعصوم في القرن السابع لا تملك حلا لمشاكل القرن العشرين، فالحل في السنة وليس الشريعة..) انتهى..
(أنا أعلنت رأيي مرارا في قوانين سبتمبر 83، من أنها مخالفة للشريعة وللإسلام.. أكثر من ذلك، فإنها شوهت الشريعة وشوهت الإسلام ونفرت عنه..
يضاف إلى ذلك، أنها وضعت، واستغلت، لإرهاب الشعب وسوقه إلى الاستكانة عن طريق إذلاله.. ثم إنها هددت وحدة البلاد.. هذا من حيث التنظير..
وأما من حيث التطبيق، فإن القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها غير مؤهلين فنيا، وضعفوا أخلاقيا عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية تستعملهم لإضاعة الحقوق، وتشويه الإسلام، وإذلال الشعب، وإهانة الفكر والمفكرين وإذلال المعارضين السياسيين..
ومن أجل ذلك فإني غير مستعد للتعاون مع أي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل ورضيت أن تكون أداة من أدوات إذلال الشعب، وإهانة الفكر الحر، والتنكيل بالمعارضين السياسيين) .. انتهى..