إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

في ذكرى الأخ عوض الكريم موسى الثانية

د. محمد محمد الأمين عبد الرازق


فبراير - مارس ٢٠٢٢

الحلقة الثالثة



الإسم الأساسي للفكرة الجمهورية هو الدعوة الإسلامية الجديدة.. وهي في جوهرها إنما تهدف إلى أن يأخذ الناس أنفسهم بالطريق النبوي أو قل منهاج السنة، فما هي السنة!!؟
السنة هي عمل النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، في خاصة نفسه، وهي بذلك شريعة النبوة.. وهي، أي السنة، تختلف عن الشريعة العامة أو رسالة الأمة اختلاف مقدار .. والسبب وراء هذا الاختلاف هو أن مستوى النبي الكريم فوق مستوى العامة ولذلك تنزلت الشريعة إلى مستواهم هم حسب طاقتهم وظل هو على منهاج السنة حسب وسعه..
ولنوضح معالم السنة والفرق بينها وبين الشريعة نسوق بعض الأمثلة:
أولا: صلاة قيام الليل فرض عليه بنص القرآن (يا أيها المزمل.. قم الليل إلا قليلا.. نصفه أو انقص منه قليلا .. أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا) ولذلك إذا فاته القيام عليه القضاء.. لكن هذا القيام في حق الأمة ندبا وليس فرضا..
ثانيا: زكاة النبي في السنة هي انفاق العفو وقد فسر النبي العفو بأنه كل ما زاد عن حاجته الحاضرة بينما زكاة الأمة هي الزكاة ذات المقادير المعروفة في الشريعة..
وهكذا وبمتابعة السيرة النبوية يمكن معرفة المزيد من الفروقات في جانب الفعل من الممارسة..

أما جانب القول فقسمان:
الأول يحكي عن فعله في مستواه هو، وهذا تابع للسنة، أما قوله الذي يعلّم به الأمة في مستواها يومئذ ومنه إقرارهم على أمر فعلوه فهذا شريعة وليس سنة..
الأبيات التالية للأخ عوض الكريم سجلت بلغة الكلام وبصياغة شعرية التمييز بين السنة والشريعة أو النبوة والرسالة في عدة أمثلة في قصيدة (أحمد النبي):

أحمد النبي باب المجتبي
قولو حكمتو شرعة أمتو
وفعلو سنتو فعلو مطلبي

عاش بما كفى وانفق ما عفا
كم أصلح عفا بي حلم النبي

فرضه القيام وقلة المنام
فاز من أقام سنة النبي

جانا بالأصول شرعة للوصول
ليهم الرسول ولي يومنا النبي

البيت الأخير مأخوذ من حديث الغرباء: (بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء!! قالوا: من الغرباء يا رسول الله!!؟؟ قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها)
لاحظ قال (سنتي) ولم يقل شريعتي!! فالسنة هي أصول القرآن..
ومن المعرفة العميقة بضرورة صلاة الليل أخرج لنا عوض هذه الضراعة والمناجاة لليل لحاجة نفسه هو ومن بعده لنا جميعا:

يا ليْلُ
يا ليلُ يا ليلُ يا ليلُ يا ليلُ
فى ثلثك الداجي يُوفى لنا الكيل
والفضل لا يحصى إذ عدلهم ميل

يا ليل أثقالي حُطت بأعتابك
وصفاء أحوالي من صفو أكوابك

يا ليل جدِّدني خلقا وأطوارا
أحيي الذي مني قد مات كفارا

هذا الدجى صونا يا ليل يطويني
فى مثله يوما قد كان تكويني

يا ليل غيبني عن وهم أوصافي
خذني وذوبني في المورد الصافي

يا ليل يا آت بالليلة الأعلى
هل لى بحظوات في ساعة المجلى

يا ليل طوّف بي في السجدة الكبرى
أفرغ على قلبي من وجدكم صبرا

يا ليل لا تمضي قف بالفتى الساري
فالقلب قد يفضي جهرا بأسراري