إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الأخوان الجمهويون في جريدة الأخبار المصرية(الكتاب الأول)

تعمد التحريف من المدعي الثاني أيضاً


ومثل آخر نسوقه من أقوال المدعي الثاني في تلك المحكمة، وقد كان أسوأ من زميله في التحريف، والنقل المخل.. فقد جاء في أقواله: "يقول السيد محمود محمد طه في كتابه (الرسالة الثانية من الإسلام) صفحة 87 النص الآتي: (وما من نفس إلا خارجة من العذاب في النار، وداخلة الجنة، حين تستوفي كتابها في النار، وقد يطول هذا الكتاب، وقد يقصر، حسب حاجة كل نفس إلى التجربة، ولكن، لكل قدر أجل، وكل أجل إلى نفاد. والخطأ، كل الخطأ، ظن من ظن أن العقاب في النار لا ينتهي إطلاقا، فجعل بذلك الشر أصلا من أصول الوجود، وما هو بذاك. وحين يصبح العقاب سرمدياً يصبح انتقام نفس حاقدة)"، ويقف المدعي عند هذا الحد من النقل، باترا النص، ثم يعلق قائلا عن الأستاذ محمود: "فهو يصف الله تعالى بالحقد"!! هل علم الدكتور وصفي مبلغ الهلكة التي تردى فيها هذا المدعي؟ إذن فليقرأ النص كما هو في كتاب "الرسالة الثانية من الإسلام" قبل أن يحذف المدعي ختامه:
"والخطأ، كل الخطأ، ظن من ظن أن العقاب في النار لا ينتهي إطلاقاً، فجعل بذلك الشر أصلا من أصول الوجود، وما هو بذاك. وحين يصبح العقاب سرمدياً يصبح انتقام نفس حاقدة لا مكان فيها للحكمة، وعن ذلك تعالى الله علواً كبيراً".. فقد حذف المدعي، عمداً، الكلمات الأخيرة: "لا مكان فيها للحكمة، وعن ذلك تعالى الله علواً كبيراً".. هذا التنزيه الذي نزهه الأستاذ محمود، لله لا يستقيم وجوده مع قول المدعي: "فهو يصف الله بالحقد"، ولذلك عمد، بكل بساطة، وبكل جرأة، إلى حذفه..

التأثير على المحكمة وإشراكها في التآمر


إن أمر تلك المحكمة قد كان من السوء بما يفوق كل تصور. فلم يكتف المدعيان بتحريف كلامنا لتضليل المحكمة، وإنما لجآ للتأثير عليها، وجعلها جزءا من التآمر السياسي، فاتصل المدعي الأول بقاضي القضاة وقاضي المحكمة آنذاك، قبل المحاكمة وأورد سعيه هذا في كتابه قائلاً: "ولما رأينا استعداداً طيباً وروحاً عالية من حضرة صاحب الفضيلة الشيخ عبد الماجد أبو قصيصة قاضي قضاة السودان لقبول دعوى الحسبة وأنها كما قال فضيلته من صميم عمل المحاكم الشرعية، وكذلك ما لمسناه من الهمة العالية والوقوف مع الحق من صاحب الفضيلة الشيخ توفيق أحمد الصديق عضو محكمة الاستئناف العليا الشرعية تقدمنا بدعوى الحسبة"!!
فهل بقي بعد هذا، لتلك المحكمة، وللمدعيين فيها، رائحة حق، أو ذرة من الأمانة، حتى يصبح حكمهم: "عنواناً للحقيقة" لا يمكن تجريده من قوته وحجِّيته كما يقول الدكتور وصفي؟!