إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

هل هذا هو الإسلام؟
هل هذه هي مصر؟

خاتمة


إن المذاهب قد أعلنت فشلها عن استيعاب طاقة الإنسان المعاصر، بعجزها عن تحقيق السلام في كوكبنا الصغير، الذي أصبحت حاجته للسلام حاجة حياة، أو موت.. ولما كان السلام لا يتحقق في الأرض، الا إذا تحقق في النفس البشرية، فإن عودة الدين للحياة أصبحت هي الأخرى ضرورة حياة، أو موت.. فسلام العالم، وتأمين تقدمه، واضطراده، يتوقّف على عودة الإسلام وبعثه في حياتنا العصرية ذات الطاقات، والإمكانات، المذهلة.. وهذا البعث هو قدر هذا الجيل، ورسالته العاجلة، لهداية الإنسانية الحائرة، التي تقف في مفترق الطرق، وأي تفريط أو تهاون في الاضطلاع بهذه الرسالة، يعتبر خيانة للأمانة الدينية، وعقوقا للعلاقة الإنسانية، فأين المسلمون من رسالتهم الخطيرة هذه؟ إن على المسلمين، وقد تهيأ لهم المسرح بحاجة العالم للإسلام، أن يظهروا بقامة كبيرة، هي قامة الريادة، والقيادة للحضارة الإنسانية، بكل انجازاتها والإنتقال بها الى مدنية السلام، والرخاء، والحرية.. ولكن المسلمين الآن دون قامتهم المنتظرة هذه، بكثير، وكثير.. ففريق منهم تلقى الإسلام في دراسات نظرية، فأخذ يدمن النقل، ويقدم الإسلام للقرن العشرين، بعقول القدامى، وتفسيراتهم، المقيدة ببيائتهم، وبثقافة وقتهم فعزلوا الإسلام عن الحياة الحديثة، وضيّقوه عن استيعاب طاقاتها، وجمدوه في وقت احتشد بالحركة والسيولة. وفريق آخر تتلمذ على الحضارة الحاضرة، ورأى تخلّف رجال الدين، وجهلهم وتناقضهم، مع ما يدّعون اليه، فانصرف عن الدين نفسه وحكم عليه خطأ، بمواقف وآراء ((رجال الدين)).. ولكن الأخوان الجمهوريين رأوا أن الدين أعز وأقيم من أن نتركه لجهات معينة تحترفه، وأن الثقافة العصرية تعلّم من تعمّق فيها، أن الوقت الآن للدين، فنفذوا الى الدين في مصدره الأساسي – القرآن – وكان منهاجهم، لمعرفة القرآن هو ترّسم حياة النبي وتقليده لأن حياته كانت تجسيدا لمعاني القرآن.. وهم قد خرجوا بدعوتهم الجديدة، وفق الفهم الجديد، الذي توّصلوا اليه بالمنهاج المحدد، وبنوه على الأسس والنصوص الواضحة، فأخذوا يقدمون الإسلام مدنية متكاملة بإمكانياتهم المتاحة وقد سعينا لإدارة حوار موضوعي بين القديم والجديد على صفحات الصحف المصرية، بغرض توعية الجماهير، وتصحيح حقائق الإسلام المشوّهة، ولكن بفعل سطوة وإرهاب الأزهر، فقد عجزت الصحف المصرية، عن فتح الفرص للتوعية الدينية، بل أن بعضها أخذت تشوّه فكرتنا، وتنشرها بأقلام خصومنا، ثم تمنعنا من حقنا المشروع في الرد، والتصحيح، كما حصل في جريدة الأهرام، وجريدة الأخبار المصرية.
وإننا الآن بصدد إصدار كتاب يقدم الإسلام في مستوى تحديات العصر وبصورة ترث التراث الإنساني وتصحّحه وتوجهه..
((ولله الأمر من قبل ومن بعد))

الأخوان الجمهوريون
ام درمان / السودان ص ب 1151
تلفون 56912