إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الدستور الإسلامى؟ نعم .. ولا !!

تعالوا إلى كلمة سواء


هذه كلمة نوجهها إلى "جبهة الميثاق الإسلامي" والى "الحزب الاشتراكي الإسلامي" والى "الهيئة الوطنية للدستور الإسلامي" كهيئات، والى كل مهتم بالدستور الإسلامي، من المواطنين كأفراد .. فان الدستور الإسلامي اليوم لا تمليه حاجة المسلمين فحسب، وإنما تمليه حاجة البشرية جمعاء، تلك البشرية التي ضاقت عن استيعاب طاقاتها المدنية الغربية الحاضرة، فأصبحت تبحث عن مدنية جديدة هي في الإسلام عتيدة وحاضرة وفي غير الإسلام لا وجود لها وأصبح بذلك علينا، نحن المسلمين، واجب تقديم هذه المدنية الجديدة، التي تتولى توجيه الطاقة البشرية الحاضرة، والمجهود البشري الجبار، المعاصر، إلى باحات الأمن والسلام.. إن الإسلام كامل، ولا عيب فيه، على الإطلاق، ولكن العيب فينا، نحن المسلمين، فإننا قاصرون، كل القصور، عن فهمه واسوأ من ذلك، فإننا نرمي الإسلام بقصورنا عن الإدراك.. فكل عالم من علماء الفقه، اليوم، يكاد يجعل نفسه حجة على الإسلام.. فما علمه هو فهو الإسلام وما علمه سواه، ممن خالفه الرأي، فهو الكفر، والمروق..
التقينا مرة برجل من هذا القبيل، ممن يعتبرون في قمة من قمم المسئولية "العلمية الدينية" وكان غرضنا من لقائه أن نعرض عليه الفكرة الجمهورية لنعلم ماعنده عن الإسلام، وقد جرى على لساننا قوله تعالى "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا" ونحن نفكر في مستقبل الإسلام، فقال "قد ظهر، فان المقصود ظهور البرهان. وقد ظهر" قلنا فأنت لا تنتظر ظهورا للإسلام في مستقبل الأيام على الأديان كلها؟ فقال "لا!! فقد ظهر!"؟
إن مثل هذا الرجل لا يحق له أن يتحدث باسم الإسلام، إلا إذا كان الحديث باسم الإسلام لا يستتبع مسئولية علمية، كما هي الحال عندنا الآن..
الإسلام عائد، ما في ذلك أدنى ريب، وذلك موعود الله ، وموعود المعصوم، وعلى المسلمين عامه، وعلى العرب منهم بوجه خاص، يقع واجب النهوض بعبء التبشير به، وبعودته، حتى تفىء البشرية التي لوحتها هاجرة الشقاق إلى ظله الوريف..
ولن يعود الإسلام في مستواه "العقيدي" وإنما سيعود في مستواه "العلمي" وقد تحدث الجمهوريون عن ذلك كثيرا، ولو لم يكن في الإسلام غير العقيدة لكان وقته انقضى، لأنه في مستوى العقيدة تقابله عقائد عديدة لن يتخلى عنها أهلها حين يدعون إلى اعتناق عقيدة أخرى.. فانه في مستوى العقائد "كل حزب بما لديهم فرحون" فالعقائد بذلك تفرق البشرية ولا تجمعها .. ولكن في مستوى العلم فان الإسلام يقف قمة تنتهي عندها كل القمم. ويلتقي عندها كل البشر فيجدوا حاجتهم. فعبارة "الإسلام دين الفطرة" التي قالها المعصوم تشير إلى هذه المرتبة العلمية من الإسلام التي نتحدث عنها .. وفي هذه المرتبة تظهر، وتتحقق الوحدة البشرية، لان الفطرة البشرية، حيث وجدت، فهي بشرية.. وعن ذلك تحدثنا بشيء من الإسهاب في كتبنا مما يغنينا عن الإطالة هاهنا. والإسلام في مستواه العلمي "ديمقراطي اشتراكي"