إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الضحية غير واجبة!!
لا علي الفقراء!! ولا علي الأغنياء!!

خاتمة:


مما تقدم في متن الكتاب ثبت واتضح لنا تماما أن الضحية سنة عادة.. وسنة العادة تتغير بتغير المجتمعات، وتخضع للملابسات المعينة.. كما ثبت أن النبي الكريم، قد ضحى عن أمته فأسقطها عنها، وكما أن كبار الخلفاء الراشدين، وعلماء الأصحاب، وأثريائهم كانوا لا يضحون.. فمن أين لنا الإصرار على الضحية مع كل ذلك؟! إنها دوافع العادة، والمباهاة، والتفاخر التي نتورط بها في المشاكل، والانحرافات، ثم نحن ننسب هذا الضياع للدين.. وأعجب من ذلك أننا نعتبره قربة، وذلك لجهلنا المطبق بروح الدين، بل لجهلنا بالنصوص، وبموقف كبار الاصحاب..
فإن كنت ايها القارئ من المتدينين فاعلم أن النبي الكريم قد ضحى عن أمته فأسقط وجوبها عنهم، وأن سيدنا أبابكر، وهو هو من عرف بدقة الاتباع، وتحريه، والحرص عليه.. لو كانت الضحية مطلوبة من الأمة، كما نتوهم الآن، لكان هو أولى من عملها، ودعا لها.. وإن كنت ممن يُقتدى به، فاتركها بعلم حتى لا يًقتدى بك، مثل ما فعل سيدنا أبوبكر.. وإن كنت من الأغنياء فبدلا من أن تتقرب بإعنات الآخرين، وإحراجهم أمام أسرهم، فتذكر أن من هو أولى منك بفهم الدين، واحرص منك عليه، قد ترك الضحية، وهو موسر، ليعلن سقوطها، وليراعي ظروف، وخواطر الآخرين.. فمما ورد فقد كان أبوبكر لا يضحى وكذلك عمر وابو هريرة وبلال وكثير من كبار الاصحاب.. وقد كان ابن عباس، وهو حبر الامة، يذبح مرارا إلا يوم النحر، فيكف عن الذبح.. وقلل ابن مسعود (انى لأترك أضحيتي واني لمن ايسركم مخافة ان يظن الجيران أنها واجبة).. وإن كنت تخرب ميزانيتك وتربكها، متوهما أن النبي قد أمرك بذلك فاعلم أن النبي الكريم قد نهاك.. جاء في الحديث أن صحابيا سأل النبي الكريم عن الضحية فقال: (فإن لم أجد إلا شاة اهلي ومنيحتهم أأذبحها؟ قال لا)!!
وإذا كان هذا هو الموقف الديني في الضحية فلماذا التمسك بها إن لم نكن قد رزئنا بالربا؟؟ وأدركتنا النذارة باندثار الدين فتمسكنا بالشكليات على حساب الجوهر واللباب؟!! ايها المسلمون!! اعرفوا السنة النبوية، الحقيقية، والتزموها، واتركوا القشور التي أنتم عليها، فالوقت وقت إحياء السنة، فالضحية قد كانت سنة عادة مرحلية، وقد سقطت في حق الأمة كما جاء في متن هذا الكتاب.. والله المسئول أن يهدينا إلى حقائق ديننا لنمارسها بالوعي، وبالفكر لا بالعادة، فإن آفة العبادة نفسها أن تصبح عادة.. فهو تعالى أكرم مسئول، وأسرع مجيب..

الأخوان الجمهوريون
امدرمان ص ب 1151
تلفون 56912