إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

أنقذوا الشباب
من هذا التنظيم الدخيل

هذه محاولة مرفوضة:


ومن هنا فإنّا نقرّر أن محاولة الاخوان المسلمين لاحتواء ثورة مايو، واقحام صورة زائفة للشريعة على السلطة، وعلى المجتمع، هي محاولة مكشوفة، ومرفوضة، ولن تجد لها سندا عند أحد يتمتع بالوعي السياسي، والديني، وتهمه وحدة هذا البلد، ويهمه أن يعم الوعي الديني المواطنين جميعا حتى لا تجوز بينهم دعوة دينية زائفة، ولا تهدد وحدتهم جوائح الفتنة الدينية الهوجاء.. ولقد كان المؤتمر القومي الثالث للاتحاد الاشتراكي، كما كانت أقوال الرئيس نميري في رحلته الأخيرة للجزيرة توكيدا للخط الواعي، المدرك لمتطلبات الواقع السوداني، الحريص على صون وحدته، والمتيقظ لحماية الوطن من بوادر الهوس الديني الاهوج، ومن عودة أحزاب الطائفية الجاهلة إلى السلطة مرة أخرى.
وبكلمات بسيطة، وشجاعة، وحاسمة، ومدركة للغرض السياسي المتستر وراء الدعوة الزائفة (للدستور الإسلامي) حدد الرئيس نميري موقف السلطة الواضح وهو: وقوف مع الدين، ورفض للصور القاصرة التي تدعي الدين وهي بعيدة عن حقيقته ومجافية لروحه..
فقد جاء في خطابه بقرية ود الفادني ما يلي: -
جريدة الأيام 23/12/1979م
(بقرية ود الفادني أعلن الرئيس القائد جعفر نميري أن الدستور الحقيقي الذي ستتمسك به الثورة وتنتهجه لخلق المجتمع الإسلامي، هو القرآن، وقال: أنا لا أريد الدستور الإسلامي ولا أعلم بدستور اسمه الدستور الإسلامي فإن دستورنا الحقيقي الذي يجب أن نتمسك به عملا والتزاما وتكييفا لأنفسنا، هو كتاب الله، وأن ما ينادي به من دستور إسلامي لا يشكل إلا جزءا يسيرا مما يتضمنه القرآن الكريم)..
وفي المؤتمر الثالث تأكد خط الثورة هذا، كما تأكد وعي قادتها بمحاولات الانحراف بها عن هذا الخط السليم.. فقد جاءت كلمات الرئيس في ختام المؤتمر هكذا: -
(ألا تراجع عن ميثاق عملنا الوطني ولا بديل لدستورنا الدائم – الصحافة 2/2/1980..
(ألا مجال لمزايدة باسم الدين. فلا مزايدة في الإسلام ذلك أننا على طريقه ونهجه إنما ندعو بالموعظة الحسنة والقدوة الحسنة) – الصحافة 3/2/1980..
إن محاولة السلفيين لاستغلال النهج الإسلامي لثورة مايو، والخروج به عن مدلوله، هي كما قلنا محاولة مكشوفة، وقد جاء في لقاء المكاشفة الأخير ما يؤكد قولنا هذا..
فقد قال الرئيس نميري فيه: -
(لقد سمعنا أيها الإخوة من يزايد على نهجنا الإسلامي رغم أننا كنّا السبّاقين ليس لمجرد الدعوة له وإنما طرحناه بالقدوة أولا وبالعمل ثانيا في مجالات التشريع ومجالات التعليم والتربية لقد طرحناه منهجا للولاية الثانية وأرسيناه معلما للسيرة كلّها وارتضيناه طريقا يفرض وجوده بالقناعة لا بالقهر.. بالاقتناع لا بالقسر)
(وما كنّا لنرى في أنفسنا إلا روّادا في إطار واقعنا لا نتجاهل ظروفه ولا نتعامى عن مكوناته ولا نسعى بين الناس إلا بما يوحد الناس بحيث يجتمعون على الإسلام لا يفترقون حوله) الصحافة 19/2/1980م.
وبطبيعة الحال، فإن مزايدة الاخوان المسلمين، والطائفيين بالإسلام، إنما هي مزايدة ذات خطر متعد، فهي أولا تبتغي عودة الطائفية إلى السلطة.. ومما لا شك فيه أن عودة الطائفية إلى الحكم تقوض مكتسبات الشعب، وتعود به إلى عهود التيه التي عانى منها في الماضي الأمرّين.. واسوأ من ذلك، فإن هذه المزايدة، باسم الإسلام، إنما تفتح الباب للفتنة وسط ابناء البلد الواحد، وتهدد وحدة أرضهم.. ولذلك فإنه ينبغي علينا أن نواجه هذا التحرّك السلفي الطائفي بالوعي، وبالحسم، حتى نؤيس المزايدين باسم الإسلام، ونسد الطريق أمامهم سدا لا يستطيعون له نقبا..