إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

اﻟﻬﻮس الدﻳﻨﻲ يهدد أمن ووحدة الشعوب ويعوق بعث الإسلام

هذه شنشنة نعرفها من أخزم:


إنّ الأخوان المسلمين هم الأخوان المسلمون، أنّى كانوا .. فهم يستقون من معين واحد .. ولذلك فإنّ التناقض، والتزييف، والتهرّب من المسئولية، كل أولئك صفات ملازمة لهم جميعاً ..
فهذا الموقف الذي وقفه أمير الجماعات الإسلامية، ووقفته «مجلّة الدعوة»، شبيه بموقف زعيم الأخوان المسلمين بالسودان الدكتور الترابي الذي حاول أن يراوغ في الإجابة على سؤال محدد عن إمكانية تولّي الرجل غير المسلم، في الدولة المسلمة، لمنصب رئيس الجمهـورية، ولمّا حوصر اضطر للإجابة: بأنّه لا فرصة لغير المسلم في تولّي هذا المنصب .. وقد جاء هذا في محضر جلسات اللجنة القومية للدستور، المجلّد الثاني – ١٩٦٨ – هكذا:
س – السيّد فيليب عبّاس غبوش:
أود أن أسأل يا سيّدي الرئيس فهل من الممكن للرجل غير المسلم أن يكون في نفس المستوى فيختار ليكون رئيساً للدولة؟
ج – الدكتور حسن الترابي:
الجواب واضح يا سيّدي الرئيس فهناك شروط أهلية أخرى كالعمر والعدالة مثلاً وأن يكون غير مرتكب جريمة، والجنسية وإلى مثل هذه الشروط القانونية.
السيّد الرئيس: السيّد فيليب عبّاس غبوش يكرر السؤال مرّة أخرى.
السيّد فيليب عبّاس غبوش: سؤالي يا سيّدي الرئيس هو نفس السؤال الذي سأله زميلي قبل حين، فقط هذا الكلام بالعكس: فهل من الممكن أن يختار في الدولة – في إطار الدولة بالذات رجل غير مسلم ليكون رئيساً للدولة؟
الدكتور حسن الترابي: لا يا سيّدي الرئيس!!

لماذا يرفضون في مصر وجود وزراء مسيحيين ويجلسون معهم في السودان؟!


وهناك أمر يلفت النظر، في موقف تنظيمي الأخوان المسلمين في مصر والسودان .. فهم في مصر يحتجّون على وجود وزراء مسيحيين في الحكومة، وهذا يدل على أن الهوس الديني قد بلغ ذروته لديهم. وأمّا في السودان فإنّهم يعملون جنباً إلى جنب مع زملائهم المسيحيين في الحكومة السودانية وينتظرون حدوث التمييز الديني عندما تقوم دولتهم المزعومة .. ولسنا ندري ما يقوله الأخوان المسلمون المصريون، ولا ما يقوله الأخوان المسلمون السودانيون، عن هذا التناقض، المرحلي، في الموقفين، وهم جميعاً ينتمون إلى تنظيم دولي واحد!!
ولكن الذي ندريه، حقاً، أن الهوس الديني يعطّل ملكات الإنسان الطبيعية، ويعمي على صاحبه الحقائق البديهية البسيطة، حتّى يجعله يتخبّط كالذي يتخبّطه الشيطان من المس، ولقد بيّنّا هذا الموقف، موقف الأخوان المسلمين من معالجة قضية غير المسلمين، في الحكومة الإسلامية، وواجهناه بتفصيل واف في كتابنا: «أنقذوا الشباب من هذا التنظيم الدخيل» ..

اﻟﻬﻮس الدﻳﻨﻲ يشل يد وزير الداخلية:


إنّ وقوع الفتنة والاشتباكات بين المسيحيين والمسلمين في مصر أمر واقع، ولا يقلّل من مسئولية الجماعات الإسلامية فيها محاولة تصوير «مجلّة الدعوة» للأمر بأنّه افتعال من «النصارى» على حد تعبيرها، وأنّهم هم الذين اعتدوا على المسلمين .. فقد نشرت تلك المجلّة عدد رجب ١٤٠٠ ص ٦١ ما يلي:
«أحداث خطيرة بالمنيا يشعلها المتطرّفون النصارى: ففي يوم ٨/٤/٨٠ قامت جماعة من النصارى بطعن اثنين من المسلمين من الخلف وهما في طريقهما إلى المسجد بقرية (الفتح) القبلية مما أدّى إلى تجمّع أهل المصابين ومحاولة أخذ الثأر من المعتدين ويفاجئ النصارى أهل المصابين برفع الأسلحة غير القابلة للتصريح كالرشاشات والمدافع الآلية من فوق أسطح المنازل مما أدى إلى قتل أحد المسلمين. وهو الأخ أحمد نوح وإصابة عدد آخر لا يزالون بالمستشفى العام بالمنيا وقد بترت ساق أحدهم.
وقد طلب وزير الداخلية من الأخ حلمي الجزّار أمير الجماعات الإسلامية بأن يذهب إلى المنيا ويعمل على تهدئة الأهالي على أن يتم الإفراج عن المسلمين الذين قامت قوات الأمن بالقبض عليهم من داخل المساجد. وذهب الأخ حلمي الجزّار إلى المنيا وبدأ الهدوء يعود عندما نزل الأخ المهندس محي الدين أحمد عيسى إلى الأهالي ودعوتهم إلى حسم الفتنة التي أرادها النصارى بالمنيا ..
وفي يوم السبت ١١/٤/٨٠ وبعد عودة رئيس الجمهورية من أمريكا تلقّى قرارات وزير الداخلية المتّفق عليها ويلقى القبض على بعض شباب الجامعات الإسلامية بالمنيا ومن بينهم مهندس محي الدين أحمد عيسى أمير الجماعة .. ثم يصدر الأمر إلى نيابة أسيوط بالقبض على بعض أعضاء الجماعة الإسلامية هناك!! فما علاقة المنيا بأسيوط؟!» .. انتهى ..
إنّ الهوس الديني عندما يثور، ويستفحل، في مجتمع مسلم متخلّف، يفتقد الوعي الديني، كما هو حال المسلمين اليوم، في مصر وفي غير مصر، إنّما يجعل المسئولين السياسيين يقفون مشلولي التفكير، مكتوفي الأيدي عن مواجهة مثيري الهوس والفتنة .. بل أنّهم قد يستسلمون في نهاية المطاف لهؤلاء المهووسين إلى حد التخلّي لهم عن السلطة ..
فانظروا لوزير الداخلية المصرية، وهو المسئول الأوّل عن الأمن في مصر، يطلب من زعيم مثيري الفتنة، حلمي الجزّار، أن يذهب إلى المنيا، ويعمل على تهدئة «المسلمين الثائرين» ضد المسيحيين!! مقابل الإفراج عن متّهمين من جماعته .. ولكن التصحيح الذي تم لموقف وزير الداخلية، بعد عودة رئيس الجمهورية من أمريكا، هو التصرّف الذي كان ينبغي أن يتم من أوّل وهلة .. وبطبيعة الحال لم يكن هذا التصحيح مرضياً لمجلّة الدعوة التي يحاول تنظيمها إيهام السلطة بأنّهم يمتلكون زمام الشعب في مصر ويستطيعون أن يحرّكوا الشارع، أو يهدّئوه، متى شاءوا ليضغطوا بذلك على الحكومة لتسير في طريق هوسهم الذي لا يقف عند حد .. وهذه هي استراتيجية الأخوان المسلمين وتكتيكهم – إثارة للهوس الديني، وضغط على الحكومات، وتخطيط لاحتوائها، تمهيداً للانقضاض عليها، وانتزاع السلطة منها ..