إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

طوِّروَها حَتّى تَصيَر:
جَامِعَة أمْدُرمَان

موقف الإدارة:


ان موقف ادارة جامعة ام درمان الإسلامية، هو الذي مهد للشغب والعنف، وأغرى هذه الجماعة المهووسة به.. وهو موقف أقل ما يمكن أن يوصف به أنه خال من المسئولية التربوية، ومن الحكمة، والوعي، الإداري والسياسي.. فقد وضعت إدارة الجامعة الإسلامية نفسها، ووظفت امكاناتها لمصلحة الهوس الديني، وساندت الشغب والعنف، بصورة مؤسفة لا تليق بأي رجل يشغل منصبا عاما، خل عنك إدارة كاملة، مسئولة عن مؤسسة تربوية كبيرة!!
لقد كانت إدارة الجامعة الإسلامية، ممثلة في رئيس المجلس، والمدير، وعميد الطلاب، هي السبب الأساسي في الشغب والفتنة.. فقد بادرت الإدارة باصدار بيان (تأمر) فيه اتحاد الطلبة بوقف الندوة المعلنة يوم 28/9/1981.. وقد كان بيان الإدارة يوم 27/9/81 قبل يوم فقط من مواعيد الندوة، هذا مع أن برنامج الإتحاد الثقافي، برنامج معلن، وقد عرض على الإدارة قبل اسبوع من تنفيذه.. وقد جاء بيان الإدارة، في شكله، وفي مضمونه، بعيدا عن الحكمة، وعن الوعي التربوي، والإداري، والسياسي.. فالبيان يقول:
(يؤسف عمادة الطلاب أن تأمر اتحاد الطلاب في شخص الأمين الثقافي بأن يمنع الجمهوريين من اعتلاء منبر الإتحاد في الموسم الثقافي القائم وذلك اعتبارا من اليوم، وذلك ايضا بتوجيه من السيد رئيس مجلس إدارة الجامعة ومن السيد المدير. ويسرنا أن يستجيب الإتحاد لذلك حفاظا للإمن والنظام)
الإمضاء/ عميد الطلاب
انتهى ..
الخطوط تحت الكلمات من وضعنا نحن – ان اسلوب (الأمر) بالصورة التي جاء بها في بيان الإدارة، لم يعد يعمل به حتى في المدارس خل عنك في الجامعات، وهو يدل على ان الإدارة لا تواكب سير العملية التربوية، ولا يوجد سبب موضوعي يجعل الإدارة تتوهم أن الإتحاد يمكن ان ينصاع لأوامرها هذه الخرقاء، سوى جهل الإدارة بالعمل التربوي، وعدم تصورها للواقع في الجامعات والمؤسسات التعليمية.
والسبب المعلن الذي ساقته الإدارة في أوامرها للإتحاد، بوقف الندوة المعلنة، ومنع الجمهوريين من منبر الإتحاد هو (الحفاظ على الأمن والنظام)!! وهذه الإشارة للأمن والنظام، هي في الحقيقة، ايحاء للجماعة المهووسة لتقوم بالإخلال بالأمن والنظام، والا فإن الوضع الطبيعي، والذي عليه واقع الأمر، ان المحاضرات والندوات لا تخل بالأمن والنظام، والجمهوريون قد عرفوا بالحرص على الأمن والنظام طوال تاريخهم، وبصورة لا يحتاجون فيها الى شهادة من أحد في هذا الصدد.. ومحاضرات الجمهوريين، وندواتهم، تتم في الجامعات بصورة منتظمة، وهي لا يحدث فيها ما يخل بالأمن، بل أن للجمهوريين أركان نقاش يومية في الجامعات، وأركان نقاش في العاصمة في الأماكن العامة، وفي كثير من مدن السودان، ولذلك فان حجة الأمن، حجة واهية، لا تجوز على أحد، وهي لا تعنينا بحال من الأحوال، وقد وظفنا حياتنا للحفاظ على الأمن، والنظام، والسلام، ونشر كل ذلك بين الناس، وتعليمهم اياه، اما إذا كانت الإدارة على علم مسبق بأن بعض طلابها، ينوون إثارة الشغب، فإن واجبها الإداري والتربوي، كان هو أن توقفهم عند حدهم، بدل أن يستجيب لهم فتعمل على وقف العمل الثقافي والتربوي المشروع، وتساند العمل غير التربوي والخارج على القانون، ثم تحاول ان تبرر موقفها هذا الشاذ، بإدعاء الحرص على القانون والنظام، بصورة ظاهرة الإلتواء..
ثم ان هذه ليست أول مرة يتحدث فيها الأخوان الجمهوريون في الجامعة الإسلامية، ولم يؤد حديثهم بها للإخلال بالأمن والنظام وكان ضمن ما قدموه من نشاط ثقافي بالجامعة الإسلامية، المحاضرة الناجحة التي قدمها الأستاذ محمود محمد طه، التي كانت بعنوان: (الدين والتنمية الإجتماعية)، وقد قدمت في السادس من شهر أكتوبر عام 1974م، وقد طبعت هذه المحاضرة في كتاب وجد رواجا كبيرا بين القراء.. فقد كان الأولى بإدارة الجامعة الإسلامية أن تقوم بواجبها الإداري والتربوي، وتترك موضوع الأمن للمسئولين عن الأمن، فهم أولى به منها، وأعرف بشئونه منها..