العنف وفلسفته المنحرفة:
ان جماعة الهوس الديني التي نحن بصددها كبقية الجماعات الأخرى تفلسف العنف وتعطيه تبريرات دينية منحرفة ترجع الى التصور الخاطئ لمفهوم الجهاد والاستشهاد.. فقد ورد في بيان هذه الجماعة قولهم: (واليوم يوم الجهاد والاستشهاد. حيث ستخرج مواكبنا الهادرة الى عمادة الطلاب ثم إدارة الجامعة ثم مكاتب الإتحاد..).. وقولهم: (ولن نبخل بالدم والروح في العزة والكرامة)!! ومن يسمع الحديث عن الجهاد والاستشهاد، بهذه الصورة يعتقد ان هنالك موقعة خطيرة ستقع وقد استعد لها الطرفان بالسلاح والعتاد، ولا يمكن أن يتصور ان هذا الحديث عن ندوة فكرية، داخل مؤسسة تعليمية، ولا يحمل فيها المتحدثون سوى أفكارهم في رؤوسهم!! رغم موقف الإدارة، ورغم بيان هؤلاء الطلاب المهووسين، فان الإتحاد قد أصر على قيام الندوة وحضر الجمهوريون في الموعد المحدد، وقد تأخرت بداية الندوة بسبب انقطاع التيار الكهربائي لتبدأ في تمام الثامنة.. وتحدث في بدايتها سكرتير الثقافة عن ضرورة الحوار الموضوعي للوصول الى حقائق الدين، وبين أنهم في الإتحاد يسرهم أن تجد الأفكار المختلفة فرصة التعبير، فمنبر الإتحاد ليس حكرا لجماعة بعينها.. وبعد تلاوة لآيات من القرآن الكريم، بدأ الأخ أحمد المصطفى دالي حديثه، فقاطعته الفئة المهووسة بالهتاف (فاسد، فاسد يا إتحاد) و(خائن خائن يا إتحاد) و(لا إلحاد بعد اليوم).. ولم يستجب لهم الطلاب والطالبات، فأخذت تلك الفئة تقذف بالكراسي على الحاضرين، وتقدم بعضهم نحو المنصة وهم يحملون العصى، وقد تصدى لهم العدد القليل من الجمهوريين الحاضرين، وبعض الطلاب، فأوقفوهم عند حدهم. وبعد ذلك حضرت قوة من رجال البوليس وأقتادت مثيري الشغب.. ثم انتظم من بقي من الحاضرين في مقاعدهم، وتحدث أحد ضباط اتحاد الطلبة حديثا واعيا، فشجب أعمال الشغب والعنف ووكد ان منبر الجامعة سيظل منبرا حرا مفتوحا للصراع الفكري، بعد أن ظل حكرا لإتجاه واحد طوال السنين الماضية، مما أدى الى نشوء هذه الفئة المتعصبة والمتشنجة.
ثم لم تتم مواصلة الندوة بعد ذلك لأن الوهابية، الطرف الآخر في الندوة، غادروا الدار عند حدوث الشغب بصورة مشينة، وهم قد حاولوا أن يبرروا غيابهم عن الدار بعد انتهاء الشغب، بأن البوليس قد اعتقلهم، وفي الواقع أن البوليس كان قد اعتقلهم بعد هروبهم خارج الدار، ظنا منه أنهم من مثيري الشغب، فلو أنهم لزموا الدار، كما فعل الجمهوريون وبعض الطالبات والطلاب، لما تم اعتقالهم، ولأمكنت مواصلة الندوة.
هذا هو حادث الهوس الديني الذي تم بجامعة أم درمان الإسلامية فما هو موقف الإدارة منه؟ وما هو موقف الإتحاد والطلاب؟