إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

السـلام
ضالّة البشرية منذ الأزل

من المسئول عن هذا الاضطراب؟


إنّ مسئولية ما يعانيه العالم اليوم من اضطراب، واقتتال إنّما مردّها، على العموم، إلى جهل الناس بحقيقة مصالحهم، ولكن المسئولية المباشرة في تحريك الأحداث المكدّرة للسلام، المزهقة للأرواح، والمغتصبة للحرّيات، نقول أنّ المسئولية، في هذا الحيّز، إنّما ترجع، إلى حد كبير، إلى الشيوعية الدولية، وأدواتها مثل ليبيا التي تتبنّى الحركات الإرهابية العالمية، وتموّلها، وتمدّها بالسلاح، لتدبير، وتنفيذ، عمليات الاغتيال، والتخريب.. ولقد جاء في الأنباء أنّ وفداً سوفيتياً سرّياً زار بولندا قبيل إعلان الأحكام العرفية الأخيرة هناك.. فهم المحرّكون للمسئولين البولنديين الشيوعيين ليقوموا باضطهاد شعبهم..

والشيوعية الدولية إنّما تسعى لإحداث الاضطرابات، والقلاقل، في داخل الدولة الواحدة، وبين الدولة، والدولة الأخرى، وذلك لأنّها، إنّما تريد خلق المناخ الذي يساعد على تنفيذ مخطّطاتها الرامية للسيطرة على الدول، هنا، وهناك، حتّى تستكمل حلقات مخطّطها الكبير لبلشفة العالم..

إنّ المخطّط السوفيتي قد اتضحت معالمه الآن تماماً، وهو تطويق العالم بالحكومات الماركسية، في القارّات المختلفة، وحشد القوى العسكرية، من عتاد ورجال، في قواعد إستراتيجية، وبذلك تتم الحلقة الأخيرة من هذا المخطّط السوفيتي، حيث يختل توازن القوى لصالحه، فيفرض إرادته على العالم، على حد تعبير برزنيف نفسه، فقد قال في خطابه أمام اجتماع حلف وارسو ببراغ في عام ١٩٧۳: «في منتصف الثمانينات سيكون الإتّحاد السوفيتي في موقع يسمح له بفرض إرادته بكلّ حزم ليس فقط على أوروبّا الغربية لكن في أيّ مكان في العالم حيث تتواجد مصالح الشعب السوفيتي» انتهى.. وفي مقدّمة مصالح «الشعب السوفيتي» بلشفة العالم بالقوّة، بمقتضى النظرية الماركسية.. ومن خطّة الإتّحاد السوفيتي سوق الشعوب، وإخضاع الحكومات في هذه المرحلة، بالتظاهر بالتفوق العسكري الهائل الذي يستطيع به تحطيم أيّة قوّة في الأرض، مهما كانت، وحيثما كانت!! ألم يقل برزنيف في خطابه المذكور آنفاً، «أنّه في العام ١٩٨٥ سيكون الإتّحاد السوفيتي قد انتهى من تشييد قواعده الصاروخية التي تستطيع أن تنال من القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في أيّ بقعة في العالم، وفي العام ذاته ستكون موسكو قد أنتجت برنامج التسليح النووي، في الأرض، والبحر، والجو، الأمر الذي يجعل منها القوّة العسكرية العظمى في العالم دونما منازع» انتهى..

وأخطر من ذلك وأسوأ، وهذا هو أهمّ حلقات المخطّط، ما انتهى إليه برزنيف بقوله: «لكن قبل منتصف الثمانينات سيكون الإتّحاد السوفيتي قد تمكّن من تعزيز نفوذه، ووجوده في دول العالم الثالث، ومناطق النفط الحيوية» انتهى..

هذه هي استراتيجية السوفييت، وهم ينفّذونها في عجلة، ونهم الوحش الجائع، الذي يريد أن ينقض، وأن يجهز على فريسته!!

لقد سقطت في يدهم إثيوبيا، واليمن الجنوبي المسلم، على البحر الأحمر، وسقطت في يدهم أنجولا، وموزمبيق، والكنغو، في الجنوب الأفريقي، وهاهم يزرعون القذّافي في الشمال الأفريقي العربي، في ليبيا لينقضّوا على الشرق الأوسط كلّه، وهذه هي آخر الحلقات، وأعزّ الأماني لدى السوفييت، إذ يصبح العالم في قبضتهم تماماً، يمنعون عن الغرب البترول، ويمنعونه من البحار، ويغلقون أمامه الأسواق، ويحرمونه من المواقع الإستراتيجية الحربية. فماذا يتبقّى بعد ذلك غير إذعان العالم تحت تهديدهم له بالقوى النووية القادرة على أن تنال من أيّ موقع في الأرض على حد تعبير برزنيف؟!

ولكن هيهات!! هيهات!! فلمّا يبلغ العالم من الهوان على الله أن يسلّمه للشيوعية الدولية!!

هذا يقين لدى الجمهوريين وقد عبّروا عنه، في مناسبات كثيرة، عام ۱٩٥٦، وعام ١٩٥٨..

إنّ أكبر عدو للسلام هم السوفييت، ولذلك فإنّا نركّز على كشفهم، وفضح مخطّطاتهم..

ومهما يكن الأمر فإنّ سعي العالم اليوم للسلام هو سعي في طريق مسدود، ذلك بأنه سعي لا ينفذ إلى أصل المشكلة، وإنّما يكتفي بمظهرها، ولقد يحسن أن نذكر أنّ المرحوم الأستاذ معاوية محمّد نور، العبقري السوداني، قد لمس بيده الذكية هذا الأمر لمساً عميقاً، منذ زمن بعيد، فقد جاء في كلمة له بمناسبة الدعوة لمؤتمر لنزع السلاح، عام ۱٩۳١، ما يلي «عادت الصحف الأوروبّية تتكلّم عن مؤتمر نزع السلاح، وضرورة الاهتمام به، بعد أن رأى العالم نتيجة الحرب الماضية تتجسّم في أزمة مخيفة، وبوادر حرب جديدة، واستنفاد للخزائن القومية في معدّات الحرب وآلات القتال المختلفة مع فقر هذه الأمم، وحاجتها إلى المال تصرفه في غير هذه الشئون، وغير تلك المرافق..

والذي نعجب له في هذه الحركة أن الحروب لا يمكن أن توقف بهذه الطريقة السلبية، وإنّ السلام لا يمكن أن يكون أساسه التخوّف، والحذر والاتفاق على إنقاص المعدات الحربية»

«محال أن يكون هنالك سلام، أو إخاء عالمي بهذه الطرق، وأشباهها، وإنّما السلام يكون بنزع الضغائن لا بنزع السلاح» انتهى – جريدة مصر ۳٠/٩/١٩۳١ –

إنّ الإسلام، وإنّ السودان، هما اللذان سيفتحان الطريق إلى تحقيق السلام الحقيقي، بإذن الله، وبتوفيقه..