بسم الله الرحمن الرحيم
((وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون * ما أريد منهم من رزق، وما أريد أن يطعمون * ان الله هو الرزاق، ذو القوة المتين))
صدق الله العظيم
المقدمة:
هذا كتيب نستقبل به شهر رمضان العظيم، وكنا قبله قد أخرجنا بعض الكتيبات في نفس المناسبة، كعادتنا في الاحتفاء بكل مناسبة دينية، ومن هذه الكتيبات (الصوم توأم الصلاة)، و(الصوم ضياء، والصلاة نور)، و(تعلموا كيف تصومون).. وقد كانت هذه الكتيبات تؤكد أن المسلمين اليوم لا يعرفون كيف يصومون، ولا يعرفون للصوم بعض ما ينبغي أن يعرف له من التوقير والتقديس.. وانه لوارد في الحديث القدسي قول الله تعالي في تعظيم شأن الصوم: (الصوم لي وأنا أجزي به).. وقد اتجهت تلك الكتيبات إلى الحديث عن آداب الصوم، والعلاقة بينه وبين الصلاة بتفصيل كاف، مما يغنينا عن اعادته في هذا الكتيب..
وقد اتجهنا، هنا، إلى التعريف بقيمة الصيام باعتباره منهاجا يحرر الفرد من الخوف، فإنه لهو يبدأ بمحاربة الخوف في صور السلوك الغليظة، ثم يطاردها، في داخل النفس، حتى يقتلعها من جذورها، في سراديب العقل الباطن..
ولما كان شهر رمضان يتجه إلى حرمان الناس من كثير من عاداتهم، في اتجاه تخليصهم منها، فقد صاروا يحملون نحوه شعورا بالضيق بتمني انقضائه.. وهذا الشعور لا يعطي القلوب فرصة في انشاء علاقة محبة مع النبي الكريم، قدوة التقليد، ولذلك فإننا قد حاولنا في هذا الكتيب أن نبرز للصيام قيمة تحبب الناس في شهر رمضان ومن ثم في النبي الكريم، وتجعل من الصوم وقودا يعمق فيهم هذا الشعور، في سائر أوقاتهم... ثم أن الحالة الروحية العالية التي يكون عليها الصائم في هذا الشهر يجب الا يهبط منها بانقضائه، وانما ينبغي أن يكون دائما على حال من الجد والتشمير وكأنه نقل شهر رمضان معه في باقي شهور السنة.. ذلك بأن تنزل الفيض الالهي لا يتقيد بشهر معين، وانما التنزل مستمر في كل لحظة، وانما القلوب المستعدة بالحضور مع الله في كل أوقاتها، هي التي تتلقي المدد الروحي من الله بدون انقطاع..