منزلة آل البيت:
ومنزلة آل البيت إنما عينها الله تعالى بقوله: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلاّ المودة في القربى).. فلما سئل النبي: من هم قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟؟ قال: (هم علي وفاطمة، والحسن، والحسين).. وقد نزلت هذه الآية: ("إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس، أهل البيت ويطهركم تطهيرا" في بيت أم سلمة، فدعا النبي فاطمة، وحسنا وحسينا، وعلي خلف ظهره، فجللهم بكساء، ثم قال: "اللهم هؤلاء أهل بيتي، فاذهب عنهم الرجس، وطهرهم تطهيرا".. قالت أم سلمة: "وأنا معهم يا نبي الله؟؟ قال: "أنت على مكانك، وأنت على خير".. ) (رواه الترمذي)..
وقال:(إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف غرق، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له) (الحاكم في المستدرك، صفحة 151، الجزء الثالث، والطبراني).. وقال في حب آل البيت: (أحبوا الله، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي) – الترمذي في سننه، الجزء الثاني، صفحة 38..
أما عليٌّ فقد خصه النبي بحبه، وقد كان ابن عمه، وربيبه، وكفيله، وقد زوجه ابنته بضعته، وكان بديله في الفراش ليلة الهجرة، ونصيره الذي أبلى البلاء الحسن في جميع المشاهد، وتلميذه الذي خصه بعلوم النبوة، وأخوه في المؤاخاة، وخليفته على نبوته الذي يؤدي عنه.. وهو أسبق الشباب إلى الإسلام وأول من صلى مع النبي من الرجال، وقد نشأ مع الدعوة الإسلامية.. وهو صاحب رايته يوم البأس.. قال النبي، قبيل فتح خيبر: (لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله).. فلما كان الغد دفع الراية إلى علي.. وقال النبي له حين استخلفه علي المدينة يوم سار إلى غزوة تبوك (أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنه لا نبي بعدي) وقال للمسلمين في طريقه إلى حجة الوداع: (من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه).. وكان عمر يعرف لعلي علمه وفقهه، فكان يقول: (إن عليا أقضانا)، وقال حين أوصى بالشورى: (لو ولوها الأجلح لحملهم علي الجادة)..
أما الحسين والحسن فهما، كما قال النبي: (سيدا شباب أهل الجنة).. وكما قال: (الحسن والحسين ريحانتاي في الجنة).. وأما فاطمة فهي بضعة من النبي.. وقد قال علي المنبر: (إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن، ثم لا آذن، ثم لا آذن، إلاّ أن يريد عليٌّ أن يطلق ابنتي، وينكح ابنتهم، فإنها بضعة مني يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما أذاها).. وهي سيدة نساء العالمين، فقد عادها النبي، وهي مريضة، فقال: كيف تجدينك يا بنية؟؟ قالت: إني وجعة، وإنه ليزيدني أني ما لي طعام آكله.. قال: يا بنية ألا ترضين أنك سيدة نساء العالمين؟؟ قالت: يا أبت، فأين مريم ابنة عمران؟؟ قال: تلك سيدة نساء عالمها، وأنت سيدة نساء عالمك.. أما والله لقد زوجتك سيدا في الدنيا والآخرة.. ولما حضر النبي دعا فاطمة فناجاها، فبكت، ثم ناجاها فضحكت، فلما سئلت بعد قبضه عن بكائها وضحكها قالت: أخبرني أنه يموت، ثم أخبرني أني سيدة نساء الجنة.. ولما أوحى الله تعالى: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم، فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم، ونساءنا ونساءكم، وأنفسنا وأنفسكم، ثم نبتهل، فنجعل لعنة الله على الكاذبين).. خرج النبي وعليه مرط من شعر أسود، وقد احتضن الحسين، وأخذ بيد الحسن، وفاطمة تمشي خلفه، وعليٌّ خلفها، وهو يقول لهم:إذا أنا دعوت فآمنوا.. فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى، اني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا لأزاله بها، فلا تباهلوهم، فتهلكوا، ولا يبق على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة!! (الإمام الرازي في تفسيره الكبير).. والسيدة فاطمة هي بنت السيدة خديجة، أول المسلمات من النساء، وخير نساء النبي، وأحبهن إليه، وقد ولدت له سائر أبنائه ما خلا إبراهيم.. وقد أتى جبريل النبي فقال: أقريء خديجة السلام من ربها، فقال النبي لها: يا خديجة هذا جبريل يقرئك السلام من ربك.. فقالت: الله السلام، ومنه السلام وعلى جبريل السلام.. وقال في فضلها: (والله ما أبدلني الله خيرا منها، آمنت بي حين كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها، إذ حرمني الناس، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء.. ) وفاطمة هي البقية الباقية من ولد النبي الكريم التي كان منها عقبه.. وسأل عليٌّ النبي: (لم سميتها فاطمة؟؟) فقال: (إن الله عز وجل قد فطمها وذريتها من النار يوم القيامة.. ) وقال: (إن ابنتي فاطمة حوراء إذ لم تحض، ولم تطمث).. وقالت عائشة: (ما رأيت أحدا من خلق الله أشبه كلاما برسول الله من فاطمة.. وما رأيت أحدا كان أصدق لهجة من فاطمة إلاّ أن يكون الذي ولدها.. ) وقالت عائشة أيضا: (وكانت – فاطمة – إذا دخلت عليه أخذ بيدها فقبلها، ورحب بها، وأجلسها في مجلسه، وكانت إذا دخل عليها قامت إليه، ورحبت به، وأخذت بيده فقبلتها.. وكان رسول الله إذا سافر كان آخر الناس عهدا به فاطمة، وإذا قدم من سفر كان أول الناس عهدا به فاطمة.. وكان النبي يأتي باب عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين كل يوم، عند صلاة الصبح، حتى يأخذ بعضادتي الباب، ويقول: الصلاة!! –ثلاثا – إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس، أهل البيت ويطهركم تطهيرا))..
هذه هي منزلة آل البيت عند الله تعالى، وعند نبيه، وعند المسلمين، ويلازم هذه المنزلة الحفظ الإلهي.. كيف لا وآل البيت من النبي الكريم، وآل البيت منهم المسيح، والمهدي!!