إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الشيعة

النص على إمامة عليٍّ عند الشيعة:


ويعتقد الشيعة الاثنا عشرية، والإسماعيلية، بأن الرسول قد نص علي إمامة علي (بالنص الجلي).. قال الشيخ عبد الحسين شرف الدين، في كتاب (النص والاجتهاد) (طبعة دار النعمان، النجف الأشرف، صفحة 86): (حياة النبي بعد النبوة كانت مليئة مفعمة بتلك النصوص منذ يوم الإنذار في دار أبي طالب، فما بعده من أيام حتى سجى على فراش الموت والحجرة غاصة بأصحابه، فقال: (أيها الناس يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي، وقد قدمت إليكم القول معذرة لكم، إلاّ أني مخلف فيكم كتاب الله عز وجل، وعترتي أهل بيتي)، ثم أخذ بيد عليٍّ فرفعها فقال: (هذا عليٌّ مع القرآن، والقرآن مع عليٍّ، لا يفترقان حتى يردا علي الحوض).. وكفى بنصوص الثقلين حكما بين الفريقين، وخصائص عليٍّ فيها كل نص جلي) انتهي..
وأورد الشيخ عبد الحسين شرف الدين، في كتابه (المراجعات) (الصفحات 146، 153، 164، 173، 205)، النصوص التالية بتعليقه:-
(حديث الدار: وحسبك منها ما كان من مبدأ الدعوة الاسلامية قبل ظهور الإسلام بمكة حين أنزل الله تعالى علي نبيه "وأنذر عشيرتك الأقربين"، فدعاهم إلى دار عمه أبي طالب، وقال "أيُّكم يؤازرني علي أمري هذا، علي أن يكون أخي، ووصيي، وخليفتي، فيكم؟؟ فأحجم القوم عنها غير علي، وكان أصغرهم، إذ قام فقال: "أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه".. فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقبته، وقال: "إن هذا أخي، ووصيّي، وخليفتي فيكم، فأسمعوا وأطيعوا.. فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع!!)..
(حديث سورة براءة: حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا بسورة "براءة" ليقرأها علي أهل مكة، وقال: "لا يذهب بها إلاّ رجل هو مني وأنا منه")
(حديث المنزلة: وفي حديث المؤاخاة الثانية – بعد المؤاخاة الأولى حين آخى النبي بين المهاجرين والانصار بعد الهجرة بخمسة أشهر فآخى بين نفسه وبين علي – قال: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبيّ بعدي، وأنت أخي، ووارثي، فقال: "ما أرث منك؟؟ قال: ما ورث الانبياء من قبلي كتاب ربهم، وسنة نبيهم".. )
(حديث الولاية: وأنكر أربعة من المسلمين كانوا في سرية مع علي بن أبي طالب أن اصطفى لنفسه من الخمس جارية، وشكوه للرسول، صلى الله عليه وسلم، فأعرض عنهم، وقال مغضبا: "ما تريدون من علي؟؟ إن عليّا مني، وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن من بعدي".. )
(آية الولاية: وهي قوله تعالى في سورة المائدة: "إنما وليكم الله ورسوله، والذين آمنوا، الذين يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، وهم راكعون، ومن يتول الله، ورسوله، والذين آمنوا، فإن حزب الله هم الغالبون"، حيث لا ريب في نزولها في علي بن أبي طالب حين تصدق بخاتمه راكعا في الصلاة.. )
(حديث الغدير: خطب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بغدير خم، وقال: "أيها الناس: إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه – يعني عليَّا – اللهم والي من والاه، وعاد من عاداه" ثم قال: "أيها الناس: إني فرطكم، وإنكم واردون علي الحوض، وإني سائلكم حين تردون عليَّ، عن الثقلين كيف تخلفونني فيهما: الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل، سبب طرفه بيد الله تعالى، وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به، لا تضلوا، ولا تبدلوا، وعترتي، أهل بيتي، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن ينتقضا حتى يردا علي الحوض..) انتهى..
هذه هي النصوص الأساسية التي يوردها الشيعة الاثنا عشرية في إثبات الإمامة (الخلافة) لعليِّ، بعد الرسول، صلى الله عليه وسلم، بلا فصل، وفي نفي الخلافة عمن سبقه من الخلفاء.. وهي مروية منهم، عن طريق مصادرهم (الامامية): كالكليني، والصدوق، والطوسي.. ولهذه النصوص روايات نحوها مروية عن طريق المصادر (السنية).. ويورد الإسماعيلية نفس النصوص في إثبات إمامة علي، كما جاء في كتاب (المصابيح في إثبات الإمامة) للكرماني، وذلك حيث يقول، في صفحة 91: (التشيع يؤمن بعلي كبديل عن الخلفاء الثلاثة وخليفة مباشر للرسول)..

أبوبكر خليفة الرسالة وعليٌّ خليفة النبوة:


هذه الأحاديث التي يوردها الشيعة في إثبات إمامة علي إنما هي أحاديث صحيحة تمام الصحة.. ولكن العبرة، كل العبرة، بفهم هذه النصوص على وجهها الصحيح.. فقد أملى التعصب المذهبي علي الشيعة أن يصرفوا هذه الأحاديث عن مقاصدها الحقيقية إلى مقاصدها من إثباتها عقيدتهم الخاطئة في الإمامة.. وجلية الأمر، إن هذه الأحاديث إنما تتحدث عن خلافة النبوة، لا عن خلافة الرسالة.. فعلي خليفة النبوة، بينما أبوبكر خليفة الرسالة.. ولما كان الوقت، يومئذ، للرسالة (الشريعة)، لا للنبوة (السنة)، فقد كان أبوبكر هو خليفة الرسول، لا علي.. ثم إنه لم يستقم الأمر لعلي عندما ولي الخلافة – كما سنرى.. وهذا يقتضينا، في البدء، التفريق بين النبوة والرسالة، وبين مقامات النبي الثلاثة: النبوة، والرسالة، والولاية، ثم نعود لخلافة النبوة، وخلافة الرسالة..