إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الشيعة

الفصل الأول

خلافة أبي بكر وإمامة علي



عقيدة الإمامة عند الفرق الشيعية:


الإمامة عند الاثني عشرية:


يرى الاثنا عشرية أن الإمامة منصب إلهي كالنبوة، فقد نص عليه النبي لعلي بن أبي طالب، من بعده، كما نص كل إمام سابق علي إمام لاحق، من آل بيته، حتى الإمام الثاني عشر.. قال الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء في اعتبار الإمامة ركنا خامسا بعد الصلاة والزكاة والصوم والحج: (إن الشيعة الإمامية زادوا ركنا خامسا، هو الاعتقاد بالإمامة، يعني أن يعتقدوا أن الإمامة منصب إلهي كالنبوة، فكما أن الله سبحانه وتعالى يختار من يشاء من عباده للنبوة والرسالة، ويؤيده بالمعجزة التي هي كنص من الله تعالى عليه "وربك يخلق ما يشاء، ويختار ما كان لهم الخيرة من أمرهم"، فكذلك يختار للإمامة من يشاء، ويأمر نبيه بالنص عليه، وأن ينصبه إماما للناس من بعده للقيام بالوظائف التي كان على النبي أن يقوم بها، سوى أن الإمام لا يوحي اليه كالنبي، وإنما يتلقى الأحكام منه مع تسديد إلهي.. فالنبيُّ مبلغ عن الله، والإمام مبلغ عن النبي، والإمامة متسلسلة في اثني عشر إماما كل سابق ينص على اللاحق).. انتهي - ("أصل الشيعة وأصولها" صفحة 73، طبعة دار الاعتماد)..

الإمامة عند الإسماعيلية:


والإمامة هي محور العقيدة الاسماعيلية أيضا.. قال مصطفى غالب: (ولاية الإمام حسب المفهوم الإسماعيلي ركن أساسي من أركان الدين، بل هي الايمان بالحقيقة.. والإمامة هي المحور الذي تدور عليه دائرة الفرائض التكليفية، فلا يصح وجودها إلاّ بوجوده.. ومن أصول العقيدة الإسماعيلية ضرورة وجود الإمام المعصوم المنصوص عليه من نسل علي بن أبي طالب، والنص علي الإمام يجب أن يكون من الإمام الذي سبقه، بحيث تتسلسل الإمامة في الأعقاب) – صفحة 98 من كتاب: (الحركات الباطنية في الاسلام).. وكتاب الشيخ أحمد حميد الدين الكرماني (المصابيح في اثبات الإمامة) إنما يدور كله حول عقيدة الإمامة كعقيدة اسماعيلية أساسية..


الإمامة عند الزيدية:


وإمام الزيدية هو زيد بن علي زين العابدين، وقد خرج، في حياة ابن أخيه جعفر الصادق، علي هشام بن عبدالملك بالكوفة، فقتل، وصلب.. ولا يرى الزيدية أن الرسول الكريم قد عين الإمام من بعده، وبالاسم، وإنما عرفه بالوصف.. ويرى الإمام زيد جواز إمامة المفضول.. وشروط الإمامة عند الزيدية أن يكون الإمام هاشميا، ورعا، تقيا، عالما، يخرج داعيا لنفسه.. ويرون أن هذه الصفات تنطبق أكثر ما تنطبق على عليٍّ بن أبي طالب.. واشترطوا بعد إمامة علي أن يكون الإمام فاطميا، سواء كان حسنيا أو حسينيا.. ("الملل والنحل" للشهرستاني المتوفي عام 548 هـ، الطبعة الأولى، مكتبة الأنجلو المصرية 1977م، صفحة 158، وصفحة 159)..
وقد ورد في نفس الموضع من المصدر أن زيدا قد قال، في جواز اختيار أهل الحل والعقد لأبي بكر وعمر:
(كان علي بن أبي طالب أفضل الصحابة، إلاّ أن الخلافة فوضت لأبي بكر لمصلحة رأوها، وقاعدة دينية راعوها، من تسكين ثائرة الفتنة، وتطييب قلوب العامة، فإن عهد الحروب التي جرت في أيام النبوة كان قريبا، وسيف أمير المؤمنين عليٍّ، عليه السلام، من دماء المشركين لم يجف، والضغائن في صدور القوم من طلب الثأر كما هي، فما كانت القلوب تميل إليه كل الميل، ولا تنقاد له الرقاب كل الانقياد.. وكانت المصلحة أن يكون القيام بهذا الشأن لمن عرفوا باللين، والتودد، والتقدم في السن، والسبق في الإسلام، والقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ألا ترى أنه لما أراد – أبوبكر – في مرضه الذي مات فيه تولية الأمر عمر بن الخطاب ذكروا صلابته في الدين، وفظاظته علي الأعداء، حتى سكنهم أبوبكر بقوله: "لو سألني ربي لقلت: وليت عليهم خيرهم لهم".. وكذلك يجوز أن يكون المفضول أماما، والافضل قائم، فيرجع إليه في الاحكام، ويحكم بحكمه في القضايا.. ) انتهى..
وهكذا قام رأي الزيدية علي الاعتقاد بعدم النص بالاسم من النبي على خلافة عليٍّ من بعده، وبجواز خلافة أبي بكر، وعمر.. وقرائن الاحوال تشير إلى أن خروج زيد ضد الأمويين قد كان لإعادة الأمر إلى ما كان عليه في عهد علي بن أبي طالب..