تعدد الزوجات
لقد شرع التعدد لظروف كانت قائمة في القرن السابع ، منها أن عدد النساء كان أكثر بكثير من عدد الرجال ، بسبب الحروب التي كانت تأكل الرجال ، ومنها حاجة النساء ، آنذاك ، الى حماية الرجال ، وانفاقهم .. فهو تشريع مرحلة .. والأصل في الأسلام الزوجة الواحدة .. والآن وقد تغيرت تلك الظروف فقد أصبح التعدد خطرا اجتماعيا يهدد وحدة الأسرة ، وينشر العداوة بين أبناء الرجل الواحد ..
وقد جاء نص التعدد كما يلي : " فانكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى ، وثلاث ، ورباع فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة " وجاء في آية أخرى : " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولوحرصتم " .. فهذه النصوص تدل دلالة واضحة ، على أن الأصل هو الزوجة الواحدة ..
وفي الشريعة جاء عند السادة الحنابلة أن المرأة يمكن أن تشترط على زوجها في العقد بالا يعدد عليها .. ويصح هذا الشرط ويصبح ملزما قضاءً ، فقد جاء في كتاب " فقه المذاهب الأربعة" المجلد الرابع ص 87 مانصه " الشروط في النكاح تنقسم الى ثلاثة أقسام أولها شروط صحيحة ، وهي اذا اشترطت المرأة ألا يتزوج عليها ، أو ألا يخرجها من دارها ..الخ فهذه الشروط صحيحة ، لازمة ، ليس للزوج التخلص منها ، فان خالفها كان لها حق فسخ العقد متى شاءت " .. وفي نفس الصفحة وردت موافقة المالكية على هذا الشرط وندبوا الوفاء به . وفي كتاب معوض ص 59 جاء : " مايلزم الوفاء به هو مايعود عليها نفعه ، وفائدته ، ولم يقم دليل على عدم جوازه ، مثل أن يشترط عليها ألا يخرجها من دارها ، أو بلدها ، أو لايسافر بها ، أو لايتزوج عليها ، فهذا يلزمه الوفاء به " . انتهى .
ومن هنا يتضح أن اشتراط عدم التعدد على الزوج شرط صحيح شرعا ، ولكنه غير معمول به قضاءً ، فيجب أن يعمل به قضاءً منذ اليوم ، وأن يعمم ، وأن تكون هنالك مكانة ثابتة له في كل وثيقة عقد .. هذا مع ملاحظة أن التعدد يمكن أن يتم اذا كانت المرأة عقيما ، أو مريضة مرضا لايرجى منه شفاءً ، مثلا .. وهذا يجب ألا يقع الا بعد استشارة الزوجة المضرورة به ، والا بعد تدخل الحكمين وللزوجة بالطبع ، أن تطلق نفسها اذا لم تقبل في زوجها مشاركة ، هذا وعلى النساء ، ليستأهلن هذه الحقوق ، أن يرتفعن الى مستوى المسئولية ، فيتنازلن عن المهر المادي ، الذي ماهو ، في الأصل ، الا ثمنا لشراء المرأة .. كما عليهن أن يحاربن التقاليد الزائفة التي تسببت في أزمة الزواج عندنا في الوقت الحاضر .
خاتمـــــة
أما بعد فهذه بعض الحقوق المأخوذة من داخل الشريعة الاسلامية ، والتي لابد أن يتعدل قانون الأحوال الشخصية ليتضمنها .. وهي الحد الأدنى ، ولايمكن أن تجد قضية المرأة حلها النهائي ، الا اذا تم تطوير التشريع الاسلامي من الفروع الى الأصول ، وهذا ما وظفنا نحن أنفسنا له وسيتم ان شاء الله عما قريب .
وفي هذا المستوى ، الذي هو أقل مايمكن أن نطالب به ، على المتعلمات ، وطلائع النساء ، خصوصا أولئك اللاتي يتبوأن المناصب الرفيعة في الدولة باسم بنات جنسهن المضطهدات ، أن يرتفعن الى مستوى المسئولية ، وألا يضعفن أمام ارهاب من يسمون أنفسهم برجال الدين .. وأن يتسلحن بالعلم ، والوعي الكافي ، بهذه الحقوق ، وينشرنها بين اخواتهن ، ويتمسكن بها في اصرار وحزم ، فهي الحق ، وهي الدين .. هذه هي المسئولية للتاريخ .. وسنرى .
"الأخوات" الجمهوريات
أمدرمان في 27 رمضان 1393 هـ
يوافق 23 أكتوبر 1973م
ص . ب 1151