إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

قانون وقضاة الأحوال الشخصية
قصور عن الشريعة وتخلف عن العصر

جهاز الأحوال الشخصية يحتقر المرأة والعلاقة الزوجية


إن جهاز الأحوال الشخصية لا يعترف بدور المرأة في الإنتاج والتنمية... وبعيد منه بعيد أن يعرف أصول الإسلام التي تعتبر عمل المرأة في منزلها انتاجا رفيعا تستحق عليه المكافأة المادية والمعنوية من المجتمع... ولذلك، يتحدث شيوخ هذا الجهاز عن النفقة.. وقد تحسن بهم الظن فتظن أن هذه النفقة تستحقها الزوجة مقابل دورها العظيم في منزلها.. ولكنك، حين تطلع على تصور أولئك الأشياخ لشروط استحقاق الزوجة للنفقة، تدرك أن العلاقة الزوجية المقدسة مبتذلة ومحتقرة عند هؤلاء الشيوخ الذين يصورون العلاقة بصورة لم تعد مقبولة ولا موجودة إلا في أذهانهم الخربة.. وهى صورة المرأة فيها شئ لامتاع الرجل.. ولما كان تصورهم وتعبيرهم مزريا ومخجلا بصورة لا تليق بالمرأة ولا بالعلاقة الزوجية فلندعهم هم يتحدثون عن شروط استحقاق النفقة نقلا عن كتاب ((الأحوال الشخصية حسب المعمول به في المحاكم الشرعية المصرية والسودانية والمجالس الحسبية)) لمعوض محمد مصطفى فقد جاء في صفحة 236 و237 قولهم ((استحقاق النفقة منوط باحتباس مشروع أو استعداد له يستطيع الزوج ان يصل به الى حقه في الاستمتاع متى أراد)). ومادام هذا هو تصورهم، فيمكنك أن تتخيل تفريعاتهم على ذلك... واليك المزيد من العينات فقد قالوا في صفحة 238 ((اما لو منعته عن الاستمتاع بها فانها تعد ناشزة باتفاق)) ويمضون في تصورهم القبيح ويقررون أن لا يصرف الزوج على زوجته الصغيرة، لماذا؟ فلندعهم يعبرون عن أنفسهم فانهم أقدر من كل الناس على الخوض في هذه المستويات. اسمعهم يقولون في صفحتى 239 و240 ((ان الزوجة إذا كانت صغيرة لا تشتهى فلا نفقة لها لأن احتباسها لا يوصل الى المقصود من الزواج لأن النفقة منوطة بالاحتباس مع امكان استيفاء الأحكام وهذا غير مقصود بالنسبة للصغيرة)) ((أما الصغيرة التي يمكن الانتفاع بها في الخدمة والمؤانسة ولكن لا يمكن الدخول بها فالأكثرون من الفقهاء على أنه لا نفقة لها لأن المقصود لايمكن استيفاؤه منها)). ومن هذا التصور فان الزوجة المريضة لا تستحق النفقة في الحالتين اقرأ صفحة 240 (( 1- أن تمرض قبل الزفاف مرضا لا يمكنها معه الانتقال الى منزل الزوجية لأن الأحتباس غير ممكن 2- أن تمرض بعد الزفاف في بيت أبويها ويدعوها الزوج الى الانتقال الى بيته فلم تفعل مع القدرة))..
واذ كان مرض الزوجة عندهم يسقط نفقتها اذ يحول بينها وبين صلاحيتها للاستمتاع، فإنها لاحق لها أصلا في العلاج.. وفقهاء الحنفية يجمعون على أنه ليس على الزوج علاج زوجته ((ان حق الزوجة على الزوج من حيث هي زوجة يوجب عليه أن ينفق مابه قوام الحياة العامة وهى حياة الصحيحة لا المريضة فلا يوجب عليه الدواء على أى حال)) صفحة 557 الجزء الرابع الفقه على المذاهب الأربعة .. ولنعد لنقل العينات والأمثله من كتاب الأحوال الشخصية المعمول به في المحاكم المصريه والسودانية جاء في صفحة 238 قولهم: ((اذا كان فوات الاحتباس بسبب ليس من قبله فلا نفقة لها وذلك كما إذا حبست الزوجة في جريمة أو دين أو ظلما لأنها فوتت عليه حقه فيفوت عليها واجبها))..

الحبس للاستمتاع


وجاء في صفحتى 237 و 238 ((وكالزوجة المحترفة التي تخرج نهارا أو ليلا لحرفتها ثم منعها فلم تمتنع فالقابلة والمغسلة والموظفة إذا لم يرض زوج بقيامها بحرفتها تعد ناشزه، وتسقط نفقتها ولا يعتبر رضاه باحترافها في وقت ما، ملزما له أن يرضى بذلك في كل الأوقات بل ان منعها وعصته وخرجت بلا إذنه تعد ناشزة))
هل فهمتم لماذا لم يتحدث الشيخ لسمنار المرأة والتنمية عن حقوق المرأة في قوانين الأحوال الشخصية فأخفاها وسترها؟ أوليس من قوة العين الزائدة أن يتجرأ، من هذه هي ثقافته ومهنته، فيقدم بحثا لمؤتمر عالمي يتحدث عن التنمية ودور المرأة فيها؟ وهل من هذه هي قوانينه وتصوراته للمرأة وللعلاقة الزوجية يحق له أن يمس الآية الكريمة التي تقحم عليها الشيخ الجزولي (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)؟؟!