إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

قانون وقضاة الأحوال الشخصية
قصور عن الشريعة وتخلف عن العصر

الشريعة بين التطوير والجمود


ومن هذا المستوى يكاد يستحيل على المرء أن يتحدث عن تطوير التشريع مع قوم يجمدون ويحجبون حتى عن إلتماس الآراء في مناسباتها حتى داحل تفريعات الفقه الجاهزة.. ولكن ما حيلتنا إذا كانوا، وهم في هذا المستوى، يتطاولون ويتحدثون عن الكتاب والسنة، بل يقيمون من أنفسهم أوصياء في ذلك ويحتكرون الحديث عنها؟ ولذلك لا بد من كلمة موجزة عن عبارة الشيخ الجزولي التي يقول فيها أن الشريعة الإسلامية "هى المبادىء العامة والقواعد الكلية الواردة في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم".. وأول الوهن الذى يطالعنا أن الشيخ يخلط بين السنة والشريعة وبين الشريعة والدين خلطا لا يتورط فيه من له أدنى بصر بحقائق الدين، أو الإلمام بالقواعد القانونية، فالشيخ ينقل مثل هذه العبارات، ويظن أن مجرد تسطيرها في كتاب يجعلها حقائق ومسلمات لا تقبل الفكر والنظر.. ويكفى ان نذكر الشيخ بان الكتاب الذى يتحدث عنة نزل (مثانى) ذا مستويين أثنين:
مستوى فروع قامت عليه شريعة المجتمع.. ومن أمثلة ذلك فيما نحن بصدده، مستوى حرية، (فذكر إنما أنت مذكر* لست عليهم بمسيطر)، ومستوى وصاية (وشاورهم في الأمر فاذا عزمت فتوكل على الله).. وحين راعت الشريعة قامة المجتمع في القرن السابع، فقامت على الوصاية، فان السنة قد قامت على آية الحرية، والحرية الفردية المطلقة.. ولذلك كان النبي الكريم صاحب شريعة فردية، هي فوق الشريعة الجماعية ومن هنا فان الشريعة تتجدد وتتبدل طالبة السنة، حتى لو ارتفعت شريعة مجتمعنا الى شريعة الفرد الكامل النبي الكريم فذلك هو المجتمع الإسلامى الكامل .. وتبدل وتجدد الشرائع عند من يعلمون التوحيد هو سنة الإسلام السارية عبر الأزمة والأمكنة.. ولذلك كان المبدأ الخالد الذى يوجه الشرائع المختلفة باختلاف الأمم هو التوحيد (خير ماجئت به أنا والنبيون من قبلى لا اله الا الله).. ولكن التبديل والتجديد هذه المرة سيكون داخل القرآن، وذلك بالارتفاع من الشريعة الى السنة، ومن الوصاية الى الحرية، بالانتقال من نص فرعى في القرآن الى نص أصلى.. وهذه الاشارة الموجزة أشد الايجاز تكفينا كاشارة عابرة الى تفاصيل هذا الموضوع المبذولة في كتبنا خاصة كتاب (الرسالة الثانية من الإسلام)..