إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الصلاة وسيلة وليست غاية

الصلاة وسيلة


إن الصلاة هي الوسيلة إلى مقام الصلة التامة بالله، والجمعية الشاملة به تعالى وهذا أمر دليله في القرآن قاطع وحاسم فاسمعه ((وأقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون)) ويقول (وأقم الصلاة لذكرى)). وذكر الله في هذه الآية وفي الآية السابقة هو الحضور مع الله بلا غفلة، ووسيلته الصلاة. واسمعه يقول ((فأذكروني اذكركم، واشكروا لي ولا تكفرون * يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين)) والصبر هنا هو الصوم. والمطلوب الاستعانة بالصوم والصلاة على دواعي الجبلّة إلى الغفلة عن الله. وهو راجع إلى أن الصلاة وسيلة إلى ذكر الله بلا غفلة عنه. ويقول تعالى ((فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى)) وفى هذه الآية أوقات الصلاة الخمسة. وواضح فيها من عبارة ((لعلك ترضى)) ان الصلاة وسيلة الرضا، والرضا بالله رباً يجئ نتيجة لتمام المعرفة به، وتمام المعرفة بالله نتيجة ذكره بلا غفلة ولا انقطاع.

الصلاة علم نفس


كون الصلاة وسيلة إلى الرضا يضعنا أمام قيمة الصلاة الأساسية، وهي أن الصلاة علم نفس، علم تهذب به النفس وتساس.. ومراتب النفوس كما هي موضحة في القرآن هي الأمارة، فاللوامة فالملهمة فالمطمئنة فالراضية فالمرضية فالكاملة ((يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فأدخلي في عبادي وادخلي جنتي)) والترقي في هذه النفوس هو السير الى الله. وهذا يوضح لنا بصورة قاطعة أن الصلاة إنما هي وسيلة للترقي الفردي. فالله مستغن عن عبادتنا، ونحن المحتاجين للعبادة، المنتفعين بها. ومما يزيد في توضيح الأمر أكثر أن الصلاة وسيلة للتوحيد ((إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)) فالكلم الطيب هو ((لا إله إلا الله)) والعمل الصالح أعلاه الصلاة. فالصلاة هي أكبر وسيلة لتحقيق التوحيد. والعلم الجديد الذي نعلمه من القرآن هو أن التوحيد صفة العبد المُوِّحد لا صفة الرب المُوَّحد، ذلك لأن الله غنى عن توحيدنا، وقد وحد ذاته بذاته ((شهد الله انه لا إله إلا هو)) والعبد الموحد هو المحتاج للتوحيد ليوحد بنيته المنقسمة إلى ظاهر وباطن: ظاهر يعلنه ويتجمل به، وباطن خرب يخفيه ويستره فالصلاة عملها الأساسي هو توحيد الذات الانسانية المنقسمة على نفسها، توحيداً يتطابق فيه الفكر، والقول والعمل ((يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون)) ووحدة ثالوث الفكر، وحدة الفكر والقول والعمل تسوقنا لوحدة الحياة الكبرى: وحدة القلب والعقل والجسد. ولذلك كانت الصلاة تتكون من قول وفعل وفكر. وبذلك أصبحت الصلاة وسيلة لا تجارى في توحيد الذات البشرية، وانما كانت الصلاة أهم وأشرف عمل العبد لقيمتها الغالية هذه والتي تؤديها لكل مصل يجود أداء صلاته، ويتقنها.. وتوضيح ذلك هو ما تضافرت عليه كتب الدعوة الاسلامية الجديدة خاصة كتاب ((تعلموا كيف تصلون))