إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الصلاة وسيلة وليست غاية

لن تنبعث الصلاة إلا إذا عرفت صلاة الأصالة


وإذا كانت الصلاة على تلك المكانة وتلك القيمة فكيف تنبعث في المسلمين فتؤثر في عقولهم وفي قلوبهم وفي أجسادهم؟
ان الصلاة لن تنبعث إلا إذا دخل فيها الفكر وجددها. ودخول الفكر في العبادة يكون ببعث السنة، وقد كرم الاسلام الفكر كل التكرم وأعظمه كل الاعظام. قال تعالي: ((وأنزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون)) ((ولعلهم يتفكرون)) هو الغرض المطلوب من ارسال الرسول ومن إنزال القرآن، ومن تشريع الشريعة. فلكأن الاسلام كله إنما هو نهج لتحرير الفكر ولتسديد الفكر. وقد قال المعصوم ((تفكر ساعة أفضل من عبادة سبعين سنة)) و((السنة)) النبوية المشرفة انما كانت نهجاً مرسوماً لمحاربة العادة وايقاظ الفكر وهي تدعونا في أن نفكر في كل ما نفعل وما نترك. وهي تعلمنا الفكر من بدايات بسيطة يستوي في المشاركة فيها الأمي الجاهل والمتعلم.. فمثلا من السنة تقديم الميامن على المياسر. ومن هذا الصنيع يتحرك الفكر وينشط وتدخل في الأعمال الروح.. وبهذه البداية البسيطة يسلك السالك لنهج ((السنة)) طريق الحكمة. ذلك لأن الحكمة إنما هي وضع الشيء في موضعه، وعودة الفكر للصلاة يبدأ من تقرير حقيقة سبق أن أوضحنا أدلتها وهي أن الصلاة وسيلة، واذا كانت الصلاة (وسيلة) فإن أدنى الذكاء يطالبنا بأن ننظر في عملنا هل نحن متقدمون ((بالوسيلة)) نحو ((الغاية)) أم هل نحن نقف بها في أول مراحلها؟؟ إن المعصوم قد قال ((الصلاة معراج العبد إلى ربه)).. و((المعراج)) معناه ((السلام)). وأنت إذا كنت ذاهب لغرض يخصك إلى مكتب يقع في الدور الثاني من عمارة مثلاً فإنك بداهة لا تقف في الدرجة الأولى من درجات ((السلم)) الصاعد إلى الدور الثاني.. هذا أمر لا يحتاج منك إلى تفكير وانما تنطلق رجلاك انطلاقا تلقائياً، تصعد درجات ((السلم)) يجري منك هذا لأنك تعرف إلى أين أنت ذاهب. ولا يمكن بحال من الأحوال أن تقف عند الدرجة الأولى من السلم. ومع ذلك فإن المسلمين اليوم من الناحية الروحية يقفون عند أول ((السلم)) ولا ينطلقون في درجاته لماذا؟ لأنهم روحياً لا يعرفون إلى أين هم ذاهبون!! فأصبحوا يتحركون في حلقة مفرغة كجمل العصارة يسير مغمض العينين يسير من غير أن يقطع مسافة ((الصلاة معراج العبد إلى ربه)) توجب علينا أن نصلى وأن نقيس صلاتنا هل نعرج بها كل لحظة إلى الله؟؟ وقياسنا هو مبلغ رضانا بالله.. هل نحن بعد أن صلينا ركعتين مثلاً قد صرنا أرضى بالله مننا قبل أن نصلي؟؟ هل نحن أسخى يداً وأطيب نفساً وأسلم قلباً وأصفى فكراً منا قبل الصلاة؟؟ فإن كنا على هذه الحال فإن صلاتنا مؤدية توسيلها إلى الله.