لقد أثبتت هذه الأحداث أن الشعب السوداني شعب أصيل، شجاع، كريم .. يجود بالنفس في سبيل العزة، والشرف ولا ينقصه غير القائد الذي يفجر كوامن أصالته، ويحرك حسه الوطني .. فاذا وجد قائدا، في مستواه، فان المعجزات تجري على يديه، والبطولات تسعى اليه خاطبة وده.. حقا كما قال الأستاذ محمود في تحقيق معه في جريدة الأخبار، فيما بعد، ((الشعب السوداني شعب عملاق يتصدره أقزام))

معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية - الكتاب الاول

menu search

طريق محمد

خاتمة


أما بعد فهذه طريقة مُحمّد، وهي طريقة الطرق - هي النهر الذي فيه تصب جميع الخيران - وهي البحر الذي فيه تلتقي الأنهار..
لقد كانت طريقة مُحمّد عبادة بالليل، وخدمة بالنهار.. خدمة لله بالليل، وخلوة به ومناجاة له بحديثه، على تقلب وسجود..
وخدمة لخلـق الله بالنهـار، وبراً بهـم، وكلفاً بتوصيل الخيـر إليهـم، في محبة وفي إخلاص وفي إيثـار..
وبهذا وذاك تصبح حياة الحي كلها عبادة.. وهذا هو مراد الله من العبادة حين قال ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون))..
وطريقة مُحمّد جماعها هذه الآيات:
((قل إنني هداني ربّي إلى سـراط مستقيم، ديناً قيماً، ملّة إبراهيم، حنيفاً، وما كان من المشركين * قل إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين * لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين)) كل شيء فيها لله.. معاملة للحق في الحق، ومعاملة للحق في الخلق.. وهذا ما عناه المعصوم حين قال ((الدين المعاملة))..
ثم أما بعد، فإن هذه دعوة إلى الله، داعيها مُحمّد، وهاديها مُحمّد.. وهي دعوة وجبت الاستجابة لها أمس وتجب الاستجابة لها اليوم، كما وجبت أمس، وبقدر أكبر، إذ الحجة بها اليوم ألزم منها بالأمس.. ((قل إن كنتم تحبون الله فاتّبعوني يحببكم الله)) وإلا فلا..
يا أهل القرآن، لستم على شيء، حتى تقيموا القرآن.. وإقامة القرآن كإقامة الصلاة، علم، وعمل بمقتضى العلم.. وأول الأمر في الإقامتين، اتّباع بإحسان، وبتجويد لعمل المعصوم.. أقام الله القرآن، وأقام الصلاة، وهدى إلى ذلك البصائر والأبصار، إنّه سميع مجيب..