المرأة
ومن المسائل التي نفذت اليها دقة البصر والبصيرة ، في ذلك الوقت البعيد ، مسألة المرأة ، فقد كانت نظرة الجمهوريين لها متجهة اتجاها سليما ، يؤكد وحدة الفكرة لديهم ، اذ كان واضحا عندهم ضرورة مراعاة المواهب المختلفة عند التعليم المهني المعائشي، وعند التوظيف ، فكانوا يقولون أنه ليس من مصلحة الفرد ولا مصلحة الجماعة ، مثلا ، أن نخلق الموسيقار ممن يكون استعداده الطبيعي ان يكون طبيبا ، ولا أن نضع المرأة في مكان الرجل ، ولا الرجل في مكان المرأة .. ولقد جاءت الفقرات التالية من السفر الأول معبرة عن هذا الاتجاه : ((وأما عن تعليم المرأة عندنا فيرى الحزب أن سيره على هدى الغرب فاشل فشلا ذريعا ، فهم قد حاولوا أن يسيروا بها في مراحل الرجل فلم يفلحوا الا في جعلها شيئا لاهو بالرجل ولاهو بالمرأة ، واذا كان التعليم هو كما أسلفنا تنمية المواهب الطبيعية والحفز على استعمالها بطريقة تكفل للفرد السعادة وتعود على الجماعة التي يعيش فيها بأبر الخدمات ، كان من المحقق أن تعلم المرأة تعليما هو بسبيل من هذا ، تعليما يسلكها في ميدانها الخاص ، لا في ميدان الرجل . هذا من ناحية التعليم في التوفر على أسباب المعاش ، وأما التعليم الديني فهو يخاطب المرأة كما يخاطب الرجل ويطلب من كليهما حسن السيرة ، وقوة الحق ..))
ثنائية التعليم
واليوم ، وفي عام 1975م ، لايزال الناس يناقشون مشاكل التعليم ويبحثون عن اصلاح المناهج ، ولانزال نعاني من عدم توجيه التعليم بالصورة التي توائم بين المتعلم وبيئته ، وتحفزه لحب العمل ، وتبث فيه روح الخلق والأتقان . ولقد مررنا ، فيما سبق لنا من نقل ، على اشارة الجمهوريين لعيوب التعليم منذ ذلك الوقت ، وأخذهم على المؤتمر سيره على نهج الاستعمار في التعليم ، بل ان الجمهوريين قد بادروا باثارة موضوع ثنائية التعليم ، وضرورة ازالته ، وهي الثنائية التي لم تزل بقاياها تنفث ضررها على البلاد ، ويتمثل ذلك في وجود جهاز ((الشئون الدينية)) و ((جامعة أمدرمان الاسلامية ))
لقد جاءت الاشارة الى ثنائية التعليم ، في السفر الأول هكذا : ((ومايرى الحزب الجمهوري أن يكون هناك تعليم ديني وتعليم مدني كل في منطقة منعزلة عن الأخرى ، ولايرى أن يكون للرجل أخلاق في المصلّى ، وأخرى غيرها في الحانوت ، أو الشارع ، وانما يرى أن يتعلم الناس أمور دينهم وأمور معائشهم ثم يضطربون في ميدان الحياة بأجسام خفيفة وأرواح قوية وقلوب ترجو لله وقارا ..))
لقد تحددت الغاية واتضح الطريق فانطلق الجمهوريون وهم الفئة القليلة نحو هدفهم لايلوون على شيء ولايصدهم عن وجهتهم صاد ، من رغبة أو رهبة .. وكان لوقع أقدامهم دوي ، ولصوتهم قوة بعثت موات النفوس ، وزلزلت الأرض تحت المستعمرين.