إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search
مناهضة الدستور الإسلامي المزيف - الحلقة الثالثة
دار الحزب الجمهوري - امدرمان

مارس ١٩٦٩

الجزء السابع

الأستاذ محمود: الدين مش حاجة ساهلة.. والا حق أبلج والا إذا فيه ظلام ببقى فتنة.. وفتنته من اسوأ أنواع الفتن.. الدين زي السلاح ذو حدين.. سكين اهي دي بصورتها دي إن أحسنت استعمالها بترفع مشاكلك إن ردت عليك تقطعك إنت.. سلاح ذو حدين.. ولذلك إنت أحسن تكون على الباطل العريان ما تكون على الباطل المقتع بالحق..
سؤالك التاني مش القرآن بيوضع قواعد للدستور.. القرآن بتؤخذ روحه يعني ممكنك إنت تقول دستور الإسلام (لا إله إلا الله).. (لا إله إلا الله) (..) كله.. أصله كل آية من القرآن بتلف حول (لا إله إلا الله).. العارفين قالوا آيات القرآن قعدت للناس بالطرقات.. كل ما واحد لف من (لا إله إلا الله) جبدته آية لي (لا إله إلا الله).. وعيد او وعد.. وظائف آيات القرآن كلها لتجيب الناس لـ(لا إله إلا الله).. أها يمكنك إنت أن تقول دستور القرآن هو (لا إله إلا الله).. (لا إله إلا الله) معناها شنو؟؟ معناها إنك إنت يجب أن تتحرر من كل ما يستعبدك لتدخل في العبودية لي الله.. معناها إنك إذا كان حريص على الدنيا، حريص على الجاه، للصور البتدفعك للمراوغة وللغش (لا إله إلا الله) ما في.. في حديث نبوي قال (لا تزال (لا إله إلا الله) تدفع عن العباد سخط الله ما لم يبالوا ما نقص من دنياهم.. فإذا بالوا ما نقص من دنياهم ثم قالوها.. قال الله كذبتم لستم بها صادقين..
(لا إله إلا الله) قمة الحرية.. قمة الحرية أنك إنت لو استقامت ليك (لا إله إلا الله) إنك حر من كل شيء ودخلت في العبودية لي الله.. إذا كان الدستور او الحكم الديمقراطي غرضه الحرية يبقى هو في الحقيقة حول (لا إله إلا الله).. والدستور في (لا إله إلا الله) زي ما قلناه مرات زي حياة البذرة.. الشجرة دي ما موجودة في البذرة.. ما بتنشاف بعين الراس لكن عين العقل تشوفها.. إذا إنت عندك تيراب مثلا، حبة قطن.. شجرة القطن موجودة في الحبة دي ما بتضعها إنت.. موضوعة لكن إنت كمزارع بتوجد التربة الصالحة والموية بتهيء ليها الظروف اللي تبقى شجرة فالجمعية التأسيسية في الإسلام ما بتدينا الدستور.. لأنه الدستور سابق لوجودنا.. هو (لا إله إلا الله).. أها تجي الجمعية التأسيسية تفّرع عليه.. تفّرع عليه من الثقافة الموجودة في العالم.. إذا كانت زمان عندنا مثلا حكم الشورى والشورى مقصورة على ناس أهل الحل والعقد.. ويمكنك ان تشاور واحد او اتنين وتلاتة وتخالفهم.. يبقى ما وصلت ليه الديمقراطية في الوقت الحاضر أنه الشورى اتسعت لتكون هو حق الإنتخاب لكل مواطن ومواطنة بلغ او بلغت من العمر ١٨ سنة، زي ما عندنا نحن في دستورنا.. تشريعك إذن بجي بعد ما إنت تملك الميزان في (لا إله إلا الله) تملك الثقافات والتراث البشري كله.. كلما يحقق
(لا إله إلا الله) لي وليك دا إسلام.. إذا كان انا ما بحقق (لا إله إلا الله) وأنا جيعان من الإسلام ان يكون التنظيم يكفيني حاجتي.. لأنه نبينا قال (كاد الفقر أن يكون كفرا).. يعني الإنسان الجائع سيء الظن بي الله.. إنت عايز تدعوه لي الله أكفيه حالة جوعه.. الإنسان الغني مشغول عن الله.. عايز تسيره لي الله وفر عليه مسألة الغنى والادخار.. أكفيه حاجته..
في الإسلام الفقير منقطع عن الله والغني منقطع عن الله.. ولذلك نبينا قال (اللهم اجعل قوت آل محمد الكفاف).. أها دا كلما إنت تعرف قيمة التوحيد اللي هو بديك ياهو القرآن تعرف كيف تاخد من التراث البشري ما يسير المجتمع لي الله بصور تشريعك وصور تنظيمك.. ما بتؤخذ قوانين تنصص.. لكن الحاجة البتؤخذ هي دي.. أنه مراد الإسلام ألا يكون على الحرية مسيطر.. مراد الإسلام أنه ما في إنسان هو من الكمال بحيث يكون وصي على الناس.. لمن ربنا قال لنبيه (فذكر إنما انت مذكر لست عليهم بمسيطر) كأنه في الإسلام ما في إنسان هو من الكمال بحيث يكون وصي.. مجرد من تجي الوصاية، الموصى عليهم ما هم رشداء، قصر.. مراد الله من القصر أن يسيروا للرشد.. لذلك لمن خاطبهم في مستوى الرشاد وقصروا جعل عليهم الكامل وصي وأمره- شريعة في حقه- أن يشاورهم، لكن ما شريعة في حقه ولا أمر في حقه أن يطاوع امرهم.. إن اجمعوا على رأي وهم قصر الحق عنده هو.. يشاور ويخالف.. لكن المشاورة ضرورية، لأنك إنت إذا عايز تربي الأحرار ربيهم تربية الأحرار من الأول.. ما تسوقهم سوق العبيد وتقول بعد عشرين سنة، نجعل عليهم وصاية بعد عشرين سنة ببقوا أحرار.. ما ببقوا.. الحر من الأول بيربى بالحرية.. إذا إنت ربيته تربية العبد اول من ترفع منه العصاية ينتكس مرة تانية..
فإذن الإسلام الموجود في القرآن هو ليعطيك الميزان البينظر في التراث البشري كله لتشرع لأمتك لتسير لتحقيق كرامة الإنسان اللي هي مراد القرآن.. ما في دستور إسلامي.. هو طبعا في السعودية ما في ولا محاولة دستور لأنه حكم متخلف ملكي.. في الحجاز الملك مابيعتبر أنه المال مال الشعب.. العايد من البترول دا ماله هو في خزينته.. ويدي منه الأمراء ببذخ كبير جدا.. والشعب قد يكون جاهل وجائع.. ويتطوع هنا ويتبرع لأنصار السنة في تنظيمه ليبني ليهم أفخم المساجد عندنا هنا.. كله تنظيم سياسي ودعاية سياسية يبز بيه اموال الشعب بالصورة دي وهو ما مسئول.. الملك هناك ما بيسأل.. ملك عضوض زي ما سماه نبينا.. النبي في أحسن أوقات حكمنا قال (الخلافة ثلاثون سنة ثم تصير ملكا عضوضا).. الملك العضوض البيعمل فيه الملك زي ما عايز.. هو حاكم والناس محكومين.. هو سيد والناس عبيد.. هو راعي والناس رعية.. وما يسأل عما يعمل.. فدا لا يمكن أن يكون حتى في الوقت الحاضر ولا حكم مدني واعي، خلي عنك أن يكون حكم إسلامي..
الباكستان حاولت ان تضع الدستور دا غلبها وجات انقلابات أيوب خان.. أيوب خان ما ماشي على شريعة إسلامية إنما ماشي على حكم مدني.. الدستور الإسلامي ما هو معروف في اي محل ولا يمكن ان يوضع إلا أذا عادت (لا إله إلا الله) من جديد واترفعت لقمة.. أصله الدستور ما ينزل إلا من (لا إله إلا الله) تترفع لقمة.. نحن قلناها مرات زي عمود الـ.. زي صاري المولد كلما.. الأنبياء كلهم جوا يرفعوا الصاري دا.. صاري المولد الإنتو بتشوفوه دا.. هي دي (لا إله إلا الله).. مما جاء آدم رفعها شوية.. وجوا بيها الأنبياء البعده كل واحد يرفعها قمة.. كلما رفعوها تنزل حبال من الصاري دا البتثبته.. دي التشاريع.. إذا كان الصاري مشى ستين متر الحبال بتاعة لازم تمش بعيد.. بالصور دي..
أها هسع نحن صاري المولد بتاعنا مرفوع إلى مستوى.. في حق الأمة بتاع.. مطلوب أنه يرتفع إلى قمة كبيرة.. القمة القبيلك قلنا ليها يصل إلى التوفيق بين حاجة الفرد وحاجة الجماعة.. يصل إلى أن يحقق كل فرد فرديته.. كأنه في الحقيقة شريعتنا تنطبق على حقيقتنا.. لأنه في الحقيقة نحن مكلفين بالفردية.. العبودية فردية.. لمن ترتفع عمود التوحيد بالصورة دي يجي التشريع.. يجي الدستور في القمة وتجي التشاريع المطورة لتخدم حاجة الإنسان في الوقت الحاضر..
دا ما في.. (لا إله إلا الله) هسع ما في.. الإسلام ما في إلا في المصحف.. أنا افتكر النقطة دي لازم تكون نحن واعين فيها.. لأننا نحن على صور من الإسلام ما نفتكر أننا مسلمين.. الجاهليات ما فارقت القشور، فارقت اللبة.. الناس لمن يتمسكوا بالقشرة وتضيع منهم اللبة ما هم على إسلام، على جاهلية.. ودا ما عليه نحن.. صلاتنا ما ها صلاة إسلام.. وحجنا ما حج إسلام.. ولذلك أخلاقنا ما أخلاق مسلمين.. لا يمكنك إنت أن تقول هسع الإسلام في في الشارع ولا في المدرسة ولا في صور منه في المسجد.. وبتلقى الناس مشوا يحجوا.. بالصور دي، لكن لو نظرت في قلوب البصلي في المسجد ما في لبة في صلاته، قشرة.. حركات بدون عمل في قلبه.. وإن بقى لقيته في الحجاز ما في حاجة.. الناس على غير شيء..
الناس أدركهم الحديث النبوي.. قال (كيف أنتم..).. قال.. قال.. (لتتبعن سنن من كان قبلكم) - دا حديث - ("لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه".. قالوا: "ألليهود والنصارى؟؟" قال: "فمن؟؟").. منو غير اليهود والنصارى؟؟ وقال برضه.. حديث برضه أدركنا.. قال: ("يوشك ان تداعى عليكم الأمم كما تداعي الأكلة على القصعة".. قالوا: "أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟؟" قال: "بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل لا يبالي الله بكم..) غثاء!! الغثاء - الدفيس البتجي شايلاه الموية.. والشبه هنا أنه ما عندهم وزن.. الدفيس دا شيء خفيف ما عنده وزن.. لأنه القلوب ما فيها (لا إله إلا الله) !! قال (مقدار ذرة من (لا إله إلا الله) في قلب الإنسان أثقل من جبل أحد).. فلمن يكون الإنسان خفيف معناه زي العصاة الجوفاء.. بوصة!! (غثاء كغثاء السيل لا يبالي الله بكم..).. دي ما عليه الحالة الحاضرة..
ناس هم بالصورة دي يقولوا عايزين يضعوا الدستور الإسلامي.. أضعه في نفسك أول.. أرجع إنت لي الله اول.. لتعرف الله لتتكلم عن الناس.. قال.. الحديث قال.. حديث قدسي لعيسى.. قال ليه (يا عيسى عظ نفسك.. فإن اتعظت فعظ الناس.. وإلا فاستحي مني).. أها نحن هسع كل واحد مننا يقدر يشوف عيوب الناس الاخرين وهو راضي عن نفسه.. وهو مسلم.. ومع إنه نقص حقيقي.. ما في.. الناس إذا كان عايزين الدستور الإسلامي يرجعوا هم أنفسهم.. عايز إنت الدستور الإسلامي حكمه في نفسك.. عايز الحكومة الإسلامية حكمها في نفسك.. بعدين تجي.. تجي الحكومة في بلدنا تمام.. الناس مسئولين عن دي ويورونا انه انحن بخير.. ما هو نحن مسلمين.. الناقص شنو؟؟ بنقول (لا إله إلا الله) محمد رسول الله وبنصلي وبنحج.. لكن دا أنا افتكر انه دي نقطة الخطأ فينا.. الإسلام مافي إلا في المصحف.. عايزينه ارجعوا ليه.. إنت عايز الدستور الإسلامي من اليوم دا ارجع.. أعبد بصدق وعامل الناس بصدق.. دا الدين.. تنبعث (لا إله إلا الله) يجي الدستور..