إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

من محن الوطن .. أشياخ التكفير .. أساتذة جامعات؟!

د. عمر القراى


فساد العقيدة


ونحن نتهم عبد الحي يوسف، باتباع عقيدة الوهابية الفاسدة، التي تعادي السادة الصوفية، وتسيء الى كبار أئمتهم، ومشايخهم، دون ورع، ودون أدب.. وتخالف بذلك، كل موروث الشعب السوداني واعرافه، وقيمه، التي قدها له الله من لحمة وسداة التصوف.. فقد اورد من اسباب تكفيره للاستاذ محمود قوله (وهو في ذلك سارق لافكار من قبله من الغلاة من أمثال محي الدين ابن عربي).. والشيخ أبوبكر محي الدين بن عربي، من أكبر أئمة التصوف، ويسميه الصوفية الشيخ الأكبر، ويعتبرونه (مقرر) والمقرر عندهم أكبر من (العارف).. يقول الشيخ عبد الغني النابلسي القادري النقشبندي:

وقد قال محي الدين وهو المقرر
لنا دولة في آخر الدهر تظهر
وتظهر مثل الشمس لا تتستر

وفي السودان، أحتفل الصوفية بكتب ابن عربي، وأشعاره العرفانية، وجاراه بالتخميس السادة السمانية خاصة الشيخ عبد المحمود نور الدائم، والسادة الختمية، وانشدوا اشعاره المليئة بالمعرفة، وبالتسليك، وليس في المسلمين، من لا يحترم الشيخ الأكبر، غير الوهابية أنصار الملوك!! ولفساد اعتقادهم يشككون في الكرامة، وما يتعلق بها من غيبيات، ويصورون الاسلام، وكأنه فكرة مادية لا علاقة لها بالغيب.. ولهذا يرفض عبد الحي، رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة، ويقول (من إدعى أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم جهرة يبين له فساد قوله بالحكمة والموعظة الحسنة وما قاله أهل العلم الثقات في ذلك وتقام عليه الحجة، فان اصر على مقالته فلابد من تحذير الناس من شره) (د. عبد الحي يوسف: فتاوي العقيدة والمذاهب ص 52).. لكن أهل السودان، يرون ان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم، في المنام، من دلائل السلوك الديني القويم، ورؤيته في اليقظة، من اشارات الترقي الروحي.. ويتحدثون عن ذلك، في مدائحهم، وذكر كرامات شيوخهم.. ومن عجب ان عبد الحي، قد ندد بفساد راي من ادعى الرؤية، رغم اثباته الحديث المشهور، الوارد في البخاري، وهو قوله صلى الله عليه وسلم ( من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي) وبدلاً من ان يقف عند هذا الحديث، الذي خطه بنفسه، في كتابه، انصرف عنه، الى عقيدة الوهابية المنكرة!!

إن حكومة الإنقاذ، إنما تراهن على الجواد الخاسر، حين تغض الطرف عن جرائم عبد الحي، وتصر على حمايته، من نتائج أعماله، التي اتسمت بعدم احترام الدستور، والتحريض، والتكفير، والسعي بالفتنة بين المواطنين المسلمين والمسيحيين.. ولإن كانت الحكومة وحزبها، ينتظران الانتخابات، ويعولان كثيراً، على تغيير نهجهما، إلى التسامح، والتفاوض بغرض تحقيق السلام، كاستراتيجية ذكية، لدرء خطر التدخل الأجنبي، فان أمثال الشيخ عبد الحي، لا يخدمون هذا الغرض.. بل يحرجون الحكومة، لو حاولت الدفاع عنهم، أو استمرت في الصمت عنهم، في مناخ دولي يراقب السودان، ويرفع في وجهه تهم الإرهاب، التي يمثل عبد الحي ابلغ نماذجها!!

د. عمر القراي