لقد أثبتت هذه الأحداث أن الشعب السوداني شعب أصيل، شجاع، كريم .. يجود بالنفس في سبيل العزة، والشرف ولا ينقصه غير القائد الذي يفجر كوامن أصالته، ويحرك حسه الوطني .. فاذا وجد قائدا، في مستواه، فان المعجزات تجري على يديه، والبطولات تسعى اليه خاطبة وده.. حقا كما قال الأستاذ محمود في تحقيق معه في جريدة الأخبار، فيما بعد، ((الشعب السوداني شعب عملاق يتصدره أقزام))

معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية - الكتاب الاول

menu search

من أقوال الأستاذ محمود محمد طه

موقع الفكرة


نصوص منتقاة من كتب ومحاضرات الأستاذ محمود محمد طه

الشرعُ شرعان، والنَّصُ نَصَّان


ولقد يحسن بنا، في مقامنا هذا أن نطلعك على رأينا في ما هو الشرع؟؟ وما هو النص؟؟ فالشرع عندنا شرعان: شرع كان عليه النبي، في خاصة نفسه، وشرع كانت عليه الأمة.. فأما الشرع الذي كان عليه النبي، في خاصة نفسه، فهو معروف بالسنة.. والسنة، عند الفقهاء، هي عمل النبي، وقوله، وإقراره.. فانتهى بذلك الأمر عندهم بألاّ فرق بين السنة والشريعة.. فشريعة النبي هي سنته.. والأمر عندنا بخلاف ذلك.. عندنا أن النبي كنبي قد كلف بشرع لم تكلف به الأمة.. ولقد قال في أمر نبوته، وأمر رسالته للأمة: ( أدبني ربي فأحسن تأديبي، ثم قال: خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين..) فصدر هذا الحديث نبوة، وعجزه رسالة، والفرق بين النبوة وبين الرسالة كالفرق بين النبي والرجل من سائر أمته.. وعن هذا الفرق الشاسع وردت الإشارة بقوله: ( نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم..) وهذا يعني أن شريعة الرسالة تختلف، اختلاف مقدار عن شريعة النبوة ( عن السنة).. شريعة الرسالة تنزّل من شريعة النبوة لتخاطب الناس على قدر ما تطيق عقولهم، ولتكلفهم بالقدر الذي يستطيعون التزامه، من غير مشقة، ولا عنت، ولتحل مشاكلهم التي تواجههم، في معاشهم، وفي معادهم، حلا يحفز تقدمهم، من غير أن يشتط عليهم، أو يتوانى بهم..

محمود محمد طه
كتاب "من دقائق حقائق الدين"