التوحيد حوالة الهم على الله:
كل التوحيد في مجال الرزق.. زي ما قلنا، الإنسان امتحنوه، شوفوه في دنياه شنو.. في رزقه كيفنو.. في حرصه كيفنو.. المحك الحقيقي القبيل قلنا إن تحصيل الأصحاب قصر فيه عن تحصيل نبينا هو الرزق.. فالأصحاب بصلوا زي ما نبينا بصلي.. حتى في صلاة الليل المكتوبة عليهو، اتأسو بيهو فيها.. فصلاة الليل عندهم، وصيامهم مثل صيامه الشهر في العام.. ويقلدوه في صيامه، في التطوع.. وفي الحج أخذوا مناسككم عنه.. لكن في المال اختلفوا وانقطعوا عن مداه.. زكاته هو في المال غير زكاتهم.. زي ما عبر في الحديث الذي ذكرناه لكم قبل حين.. قال: (فاني تذكرت أن في بيت آل محمد درهما فخشيت أن ألقى الله وأنا كانز) وزكاته هو هي الركن التعبدي الأصلي المذكور في أركان الإسلام الخمسة.. ولكن زكاة الأمة هي الركن التعبدي الفرعي.. وآية زكاة نبينا من كتاب الله هي قوله تعالى: (يسألونك ماذا ينفقون؟ قل العفو) والعفو فسره النبي قولا، وعملا، بكل ما زاد عن حاجته الحاضرة.. فهو لا يدخر رزق اليوم لغد.. دي زكاته.. دي بعيدة من الناس.. ربنا تأذن بأن ينزل من الأصل دا إلى آية فرعية هي في حق الأمة ركن تعبدي.. هي الزكاة.. قال: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم، وتزكيهم بها، وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم).. فانت تدخر، ويبلغ ادخارك النصاب، ويحول عليه الحول، فتخرج فيه الزكاة، بالمقادير المعروفة، في الأعيان المعروفة، وفي الأوقات المعروفة.. العشر، ونصف العشر، وربع العشر.. بعدين نبينا لما شرع الزكاة قال: (في المال حق غير الزكاة) ولكنه لم يفرض أداؤه عليهم.. فكأنو من الفرع ليسيروا إلى الأصل، في أمر المال، ترك لاختيارهم لئلا تكون في مشقة عليهم.. ومن أجل هذا كان أبوبكر ينزل عن ماله كلما جمع مالا، وظهرت مناسبة للتصدق.. ويسأله النبي: (ما أبقيت لأهلك؟) فيقول: (أبقيت لهم الله ورسوله).. وهذا العمل، على جلالة قدره، ما هو في مستوى عمل النبي.. لأنه يجمع المال، وينزل عنه، لكنه أقرب الأصحاب عملا إلى عمل النبي..
عمر، وهو ثالث الثلاثة، فانه في الأحاديث كثيرا ما يرد قول النبي كنت أنا وأبو بكر وعمر، عمر هذا قال: (أمر رسول الله يوما بالصدقة، فضمرت في نفسي أن أنافس أبا بكر.. فجاء بمال، وجئت بمال.. فقال رسول الله لأبي بكر ما أبقيت لأهلك؟ فقال أبقيت لهم الله ورسوله.. ثم قال لي: ما أبقيت لأهلك؟ فقلت له أبقيت نصف مالي.. فقال بينكما مثل ما بين قوليكما).. (بينكما مثل ما بين قوليكما) الواحد لأول مرة يشوفها قريبة.. دا جاب نصف المال.. ودا جاب المال كله.. فكأن الفرقة هي بين المال كله ونصف المال.. لكن العبارة في (أبقيت لهم الله ورسوله).. والأخرى: (أبقيت لهم نصف مالي) فلما كان أبو بكر ما عنده ادخار ليعتمد عليه، أصبح ادخاره الله والرسول، ولذلك قال: (أبقيت لهم الله ورسوله).. ولكن عمر لما كان عنده دخري.. هو نصف المال.. قال: (أبقيت لهم نصف مالي) نسى الله والرسول، فما قال، كما قال أبو بكر: (أبقيت لهم الله ورسوله) والفرقة هنا كبيرة.. الحقيقة كأنها الفرقة بين الموحد والمشرك.. فرقة كبيرة.. لكن طبعا شرك ديل في الشرك الخفي.. في القمم.. موش الشرك الغليظ.. لكن الصورة هي دي.. لأنو لما سئل – (هو في الحقيقة كل واحد مدَّخر بيكون قلبه مع ادِّخاره.. وبيذهل عن الحاجة الغائبة) – ما أبقيت لأهلك؟ قال أبقيت لهم نصف مالي.. الله والرسول ما ذكروا هنا.. عمر كان عنده الوضع بالصورة دي.. أبو بكر ما عندو دخري جاب المال كله.. فضل ليه منو.. الله والرسول.. عن تحقيق (لا إله إلا الله) في أمر الرزق في المستوى الرفيع جاء الحديث النبوي.. (لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير.. تغدو خماصا، وتروح بطانا) يعني تقوم في الصبح، من عشها، جائعة، وترجع في المساء شبعانة.. لكن ما بتجيب حاجة لبكرة.. الإشارة هنا لعدم الادخار.. (فلا إله إلا الله) تطلب حوالة الإنسان من المخزون في مخزنه إلى المخزون في خزائن الله.. حوالته من حيلته إلى قدرة الله.. حتى يشهد شهودا كاملا أنه (لا حول ولا قوة إلا بالله)..