نماذج من حوادث الهوس الديني عندنا:
لقد تمت في بلادنا عدة حوادث شغب وعنف ذات ارتباط بالهوس الديني، اذ استغل فيها الطامعون في السلطة جماعات الهوس الديني لتحقيق أغراضهم.. وهذه الأحداث هي أساسا من الأخوان المسلمين خصوصا في المجالات الطلابية، ومن الطائفيين والوهابية.. واوضح أعمال العنف التي انبنت على الهوس الديني عند الأخوان المسلمين، هي ما قاموا به عندما شاركوا في الغزو الليبي للبلاد في يوليو 1976م. وقد جاء عن دورهم في ذلك الغزو بجريدة الصحافة عدد 31 يوليو 1976 ما نصه: (كشفت أقوال المتهم الأول محمد نور سعد عن علاقة الأخوان المسلمين بعملية الغزو الأجنبي المندحرة اذ ان أحد قادة الأخوان المسلمين يدعى عبد العظيم عبد الله كان على اتصال بالمتهم الأول وقد استلم بواسطة أحمد سعد 300 بندقية كلاشنكوف لتسلم لجماعة الأخوان الذين احتلوا دار الهاتف والمطار).. وهكذا فقد شارك الأخوان المسلمون في أحداث الغزو الليبي الدموية، وقاموا بتقتيل المواطنين الأبرياء، في المطار وفي دار الهاتف، مستغلين في ذلك السلاح الشيوعي!! ولم يكن هذا العمل الإجرامي ليتم لولا ان هؤلاء الشبان من الأخوان المسلمين قد حشيت أدمغتهم بمفاهيم خاطئة ومنحرفة عن الجهاد، وغذيت نفوسهم بالحقد على نظام مايو.. وهم قد ألقي في روعهم ان النظام القائم هو ضد الدين، وانه حكم طاغوت، وان العمل لإزالته هو أول الواجبات الدينية وان الموت في سبيل هذا العمل هو استشهاد في سبيل الله!! ولذلك نجد الأخوان المسلمين، في معارض الطلاب، وحتى بعد دخولهم المصالحة الوطنية، يعلقون صور قتلاهم في الجزيرة أبا، وفي دار الهاتف، والمطار، ويكتبون تحتها عبارة: استشهد في دار الهاتف!! أو استشهد في المطار...
وهكذا فإن الهوس الديني، والحقد، أعميا هؤلاء الشبان عن رؤية حقائق الدين الواضحة، وقتلا فيهم الحس الديني، حتى أنهم اصبحوا لا ينفرون من أكبر الكبائر، قتل النفس التي حرم الله الا بالحق، فانه وارد في القرآن عن فظاعة هذا الجرم قوله تعالى: (انه من قتل نفسا بغير نفس، أو فساد في الأرض، فكأنما قتل الناس جميعا).. وجاء في الحديث الشريف: (لأن تنقض الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من سفك دم إمرء مؤمن بغير حق).. ومفارقة الحكام لا تبرر قتلهم، وقد نهى النبي عن ذلك في حديث صريح فقال: (سيكون عليكم أمراء، تعرفونهم وتنكرون فمن أنكر فقد سلم اما من رضي وتابع فقد هلك قالوا أفلا نقاتلهم يا رسول الله قال: لا ما صلوا!!)..
وأحداث العنف والشغب التي قام بها الأخوان المسلمون كثيرة وقد نبهنا للعديد منها في حينه، منها مثلا حادث الشغب الذي قاموا به بجامعة الخرطوم بسبب برنامج تضمن فقرة من الرقص الشعبي، وقد أدى الحادث الى جرح عدد من الطلاب، ومقتل أحدهم، راجع الصحافة 13/11/1968.. وقد اعتدوا بصورة بشعة على حفلة طلابي اقيم في المدرسة الثانوية العليا بالمهدية حيث كان يقام معسكر طلابي، وطعنوا الأستاذ المشرف بالسكين – وثائق المؤتمر القومي الثالث للاتحاد الاشتراكي.. ومن أسوأ ما قام به الأخوان المسلمون، محاولة اشعال الفتنة بين المسلمين والمسيحيين وفي معرض لهم في ميدان ابو جنزير فبراير 1980م، وزعت المنشورات، منها منشور أصدره فرعهم بالجامعة الإسلامية، كان ضمن ما جاء فيه قولهم: (لقد أصبح التحرك المسيحي المشبوه في السودان أمرا بالغ الخطورة على المسلمين وعلى العقيدة الإسلامية، وصار السكوت عليه جريمة في حق المسلمين وعقيدتهم وخطرا يهدد وجودهم وكيانهم وحاضرهم ومستقبلهم.. وقد أصبح المسلمون يحسون بأنهم الآن مواجهون بعمل كبير وخطير وأنه قد يكون مصحوبا بعمليات تدريب عسكرية مسيحية وضحت حقائقها من مواكب الصليب التي كانت تجوب الطرقات في تحد ظاهر لمشاعر المسلمين..)!! ومن المؤسف أن يكون هذا العمل التخريبي قد استغلت فيه امكانات المدارس ووزارة الثقافة والإعلام ووزارة التربية، وقد وصل التواطؤ الى حد اعطاء المدارس الثانوية العليا بالعاصمة عطلة رسمية حتى يتمكن تنظيم الأخوان المسلمين من تسيير مواكب طلابية، بمناسبة افتتاح معرض الفتنة هذا!!
ومن صور الهوس الديني، ذلك التخريب الذي جرى بسوق أم درمان مساء الخميس 15/5/1980، بعد خطبة بمسجد أم درمان تمت بعد صلاة المغرب، تم التحريض فيها بتكسير البارات، خرجت على إثرها مجموعة من المصلين قامت بتكسير بعض البارات، واثارة الفوضى، مما أدى الى تحطيم بعض المتاجر ونهبها..
أما بالنسبة لجماعة الوهابية فان شغلهم الشاغل في مساجدهم هو السباب، والإساءة للأولياء والصالحين، الأحياء منهم والأموات والتعرض للصوفية بصورة عامة بالقول البذيء والنابي.. ولقد تسبب الوهابية في حادث (أمستري) بغرب السودان، ذلك الحادث الذي قتلوا فيه أربعة من رجال الشرطة.. وقد أظهر التحقيق ان الدافع للحادث هو الفهم الخاطيء للجهاد، فقد قررت تلك الجماعة قتل كل من لا يحكم بالشريعة الإسلامية، واعتبرت ذلك جهادا!! راجع جريدة الأيام عدد 22/6/1977م.
نحن بتقديمنا لهذه النماذج من الهوس الديني انما أردنا أن نؤكد أن بلادنا ليست ببعيدة عن خطر هذا الهوس وما يمكن أن يؤدي اليه من فتن، وان حادث الجامعة الإسلامية الذي نحن بصدده ليس حادثا معزولا انما هو جزء من سلسلة من أحداث الهوس الديني، التي لو لم نتحل بروح اليقظة والمسئولية، ليس من المستبعد أن تقود بلادنا الى فتن دينية طاحنة..