لقد أثبتت هذه الأحداث أن الشعب السوداني شعب أصيل، شجاع، كريم .. يجود بالنفس في سبيل العزة، والشرف ولا ينقصه غير القائد الذي يفجر كوامن أصالته، ويحرك حسه الوطني .. فاذا وجد قائدا، في مستواه، فان المعجزات تجري على يديه، والبطولات تسعى اليه خاطبة وده.. حقا كما قال الأستاذ محمود في تحقيق معه في جريدة الأخبار، فيما بعد، ((الشعب السوداني شعب عملاق يتصدره أقزام))

معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية - الكتاب الاول

menu search

المسيح

أمة الرسالة الأولى ، وأمة الرسالة الثانية


فالإسلام في طرف البداية أقرب إلى اليهودية ، وهو في طرف النهاية أكبر من المسيحية ، ولذلك فإن الشريعة التي قامت على فروع القرآن ، والتي قام عليها عمل الأصحاب ، رضوان الله عليهم ، إنما كانت في الطرف الذي يلي اليهودية .. وأما الشريعة التي قام عليها عمل النبي صلى الله عليه وسلم ، في خاصة نفسه ، وهي ما نسميه بـ (السنّة) ، والتي قامت على أصول القرآن ، إنما تقع في الجانب الذي يلي المسيحية من الإسلام ..
ولذلك فقد كان مستوى تحقيق الأصحاب من (لا إله إلا الله) ، كمؤمنين ، في الطرف الذي يلي اليهودية من الإسلام .. وسوف يكون تحقيق الإخوان من (لا إله إلا الله) ، كمسلمين ، في الطرف الذي يلي النصرانية من الإسلام .. ولقد أشار القرآن إلى هذا المعنى إشارة هي غاية من الوضوح وذلك حيث قال ، جل من قائل: (محمد رسول الله والذين معه ، أشدّاء على الكفّار ، رحماء بينهم ، تراهم ركّعا ، سجّدا ، يبتغون فضلا من الله ورضوانا ، سيماهم في وجوههم من أثر السجود ، ذلك مثلهم في التوراة ، ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه ، فآزره ، فاستغلظ ، فاستوى على سوقه ، يعجب الزرّاع ليغيظ بهم الكفّار ، وعد الله الذين آمنوا ، وعملوا الصالحات ، منهم مغفرة وأجرا عظيما) ، فعبارة: (ذلك مثلهم في التوراة) إنما هو إشارة إلى (العهد القديم) (الرسالة الأولى) وفيه إشارة إلى الأوصاف التي وردت في صدر الآية من كونهم: (أشدّاء على الكفّار) ، وهي إشارة إلى شريعة الجهاد في رسالة الإسلام الأولى ، وأمة الرسالة الأولى .. وأما عبارة (تراهم ركّعا سجّدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا ، سيماهم في وجوههم من أثر السجود) فإنها تشير إلى القدرة على العبادة ، والتي كانت من حظ الأصحاب ، والتي يقابلها ، بالمقابل من حظ الإخوان ـ بالإضافة إلى القدرة على العبادة ـ القدرة على التفكّر في العبادة ، والتي تفتح الباب للتطور المطّرد الذي يجوز بصاحبه مراتب الإيمان إلى مراتب الإيقان ، ثم إلى الإسلام ..
إذن فعبارة: (ذلك مثلهم في التوراة) ، وهي (العهد القديم) إشارة إلى الأصحاب . وعبارة: (ومثلهم في الإنجيل) وهو (العهد الجديد) إشارة إلى الإخوان .. والإخوان هم الذين اشتاق إليهم النبي صلى الله عليه وسلّم حين قال: (واشوقاه لإخواني الذين لمّا يأتوا بعد ! قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟؟ قال: بل أنتم أصحابي !! واشوقاه لإخواني الذين لمّا يأتوا بعد !! قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟؟ قال: بل أنتم أصحابي !! واشوقاه لإخواني الذين لمّا يأتوا بعد !! قالوا: من إخوانك يا رسول الله ؟؟ قال: قوم يجيئون في آخر الزمان ، للعامل منهم ، أجر سبعين منكم !! قالوا: منّا أم منهم ؟؟ قال: بل منكم !! قالوا: لماذا ؟؟ قال: لأنكم تجدون على الخير أعوانا ، ولا يجدون على الخير أعوانا !! ..) وهم الذين قال عنهم: (ليسوا بأنبياء ولا شهداء ، ويغبطهم الأنبياء والشهداء ، لمكانتهم من الله) .. وكل ذلك إنما يكون بمحض الفضل الإلهي: (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم) ..
لقد أنجبت رسالة الإسلام الأولى ـ شريعة الرسول محمد ـ أمّة الأصحاب في الماضي ، وستنجب رسالة الإسلام الثانية ، والتي هي شريعة النبي أحمد في خاصة نفسه أو قل سنّته ، أمة الإخوان .. وفي مستوى أمة الإخوان يتم تطبيق وصايا السيد المسيح وأكبر منها !! وهذا هو سر البشارات النبوية ، وهو هو سر البشارات القرآنية المستفيضة بعودة المسيح ..