لقد أثبتت هذه الأحداث أن الشعب السوداني شعب أصيل، شجاع، كريم .. يجود بالنفس في سبيل العزة، والشرف ولا ينقصه غير القائد الذي يفجر كوامن أصالته، ويحرك حسه الوطني .. فاذا وجد قائدا، في مستواه، فان المعجزات تجري على يديه، والبطولات تسعى اليه خاطبة وده.. حقا كما قال الأستاذ محمود في تحقيق معه في جريدة الأخبار، فيما بعد، ((الشعب السوداني شعب عملاق يتصدره أقزام))

معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية - الكتاب الاول

menu search

المسيح

المسيح لا يعـود في فـراغ


إن المسيح إنما يأتي متوجا لعمل يعمل في الأرض .. هذا العمل ليس إلا المعيشة وفق نهج (لا إله إلا الله) في بعث السنة على النحو الذي صورناه هنا ، وفي العديد من كتبنا .. وهذا هو معنى قول السيد المسيح: (اجعلوا طريق الرب ممهدا) ولقد وردت في الإنجيل حكاية طريفة عن ضرورة الاستعداد للمجيء .. ولقد وردت هذه الحكاية في إنجيل متّى ـ الإصحاح الخامس والعشرون ـ ونصها: (حينئذ يشبه ملكوت السموات عشر عذارى أخذن مصابيحهن وخرجن للقاء العريس ، خمس منهن جاهلات وخمس حكيمات . فأخذت الجاهلات مصابيحهن ، ولم يأخذن معهن زيتا ، وأما الحكيمات فأخذن زيتا في آنيتهن مع مصابيحهن ، وإذ أبطأ العريس نعسن كلهن ونمن ، فلما انتصف الليل ، فإذا صراخ هو ذا العريس قد أقبل ، أخرجن للقائه ، حينئذ قامت أولئك العذارى جميعا وهيّأن مصابيحهن ، فقالت الجاهلات للحكيمات ، أعطيننا من زيتكن فإن مصابيحنا تنطفئ ، فأجابت الحكيمات وقلن: لعله لا يكفي لنا ولكنّ ، فالأحرى أن تذهبن إلى الباعة وتبتعن لكنّ ، فلما ذهبن ليبتعن وفد العريس ودخل مع المستعدات إلى العرس ، وأغلق الباب ، وأخيرا أتت بقية العذارى قائلات: يا رب افتح لنا فأجاب وقال: الحق أقول لكنّ أني لا أعرفكنّ ، فاسهروا إذن فإنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها ابن الإنسان ..) انتهى .. ولذلك فإن الانتظار إنما يكون بالعمل في الواجب المباشر ، ولا يكون بمجرد الانتظار .. وقيمة العمل بالواجب المباشر في كونها إنما تجسّد الحاجة لمجيء المسيح ، فتكون دعوتنا له للمجيء بلسان الحال .. والدعوة بلسان الحال إنما هي دعوة المضطر ، وهي ناجزة الإجابة عند الله ، قال تعالى: (أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ، ويكشف السوء ، ويجعلكم خلفاء الأرض ؟؟ أإله مع الله قليلا ما تذكّرون !!) لذلك فإن الانتظار عمل إيجابي وليس سلبيا كما يظن الكثيرون ..