إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الدعوة الإسلامية الجديدة

بعث الإسلام:


نحن، في الدعوة الإسلامية الجديدة، دعاة لأن ينبعث الإسلام في أصله الأصيل، في مستوى الفطرة، لأن الإسلام، في مستوى العقيدة، تقابله العقائد الأخرى، ولا تخضع ليهو.. وعندما قال ربنا جل وعلا: ((هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا)) إنما أراد أن ينبعث الإسلام في مستوى تخضع ليهو جميع العقائد، لأن العقائد كلها بتلتقي في الأصل الإنساني الذي فطر الله الناس عليهو - بتلتقي في الأصل العقيدي.. ومن أجل أن يكون الأمر واضحا نحن، كدعاة تغيير، لا بد لنا أن ننظر في موقفنا الحاضر، وأن نوضحه، لأنه، إذا كان لا بد لك أن تغير، فيجب أن تعرف الأرض التي تقف عليها الآن، ثم توجه خطواتك نحو الهدف المقصود.. السير للتغيير ليس سيرا في عماية، ليس سيرا في حلقة مفرغة، وإنما هو سير هادف، منطلق، يهديه النجم الهادي، من الفكر الرصين.. وهذا هو ما نسعى إليه..

الناس على قشور من الإسلام:


الأرض التي نقف عليها اليوم ليست إسلاما.. هذه النقطة يجب أن تكون واضحة.. ونحن عندنا أن النذارة قد كانت واضحة في هذا الأمر، ذلك أنه، في آخر الوقت، الأمة تنخلع عن الإسلام.. يبقى الإسلام في جانب، وتطبيق الأمة في جانب آخر.. الأمة ترجع إلى جاهلية ثانية.. والناس البفكروا، والبيعرفوا هذا الأمر ما بنخدعوا بالمظاهر.. لأن الجاهلية مش معناها ترك اللبة والقشرة معا.. الجاهلية معناها التمسك بالقشرة والتفريط في اللبة، حتى أنه لما جاء نبينا، في البعث الأول، وجاء بالإسلام في شعاب مكة، وجد العرب يحجون ولكنهم يطوفون حول البيت عراة، مثلا.. ووجد البيت المبني للتوحيد، في أصل الأمر، فيه 360 صنم.. فأنتم ترون إذن أن اللبة عندهم مفرط فيها، ولكن القشرة عندهم محفوظة.. نحن، في الوقت الحاضر، مهددون بأن ننخدع بالقشرة.. ومن أجل دا قررنا البارحة أن النذارة قالت: ((يوشك أن تداعى عليكم الأمم، كتداعي الأكلة على القصعة!! قالوا: أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء، كغثاء السيل، لا يبالي الله بكم!!)).. وأي إنسان مراقب لما عليه الأمم الإسلامية، في الآونة الأخيرة، يعلم أن الأمم الإسلامية كلها نهب للدول المستعمرة، حتى أنه ليس هناك بلد إسلامي حر تماما.. نحن تحررنا، في الوقت الحاضر، لكننا نسعى باستمرار لنستكمل استقلالنا، من النواحي الاقتصادية، ومن النواحي الاجتماعية، ومن النواحي الفكرية.. نحن حتى الآن مستقلون سياسيا، مستعمرون فكريا.. فكرك، وفكري، ما عندو غير الثقافة الغربية.. الثقافة المستعمرانا، وقد أخرجنا مستعمرينا من أرضنا، وهي لا تزال تستعمر عقولنا.. البلاد العربية، حيث وجدتموها، تعيش على المدنية الغربية.. هي تحارب الاستعمار باللفظ، وتدافع عنه، وتعيشه، في الواقع.. ((يوشك أن تداعى عليكم الأمم، كتداعي الأكلة على القصعة!!))، يعني يجيء وقت قريب الأمم تتلملم عليكم، زي ما يتلملم الأكلة على القدح الفيهو أكل، ويتناهبوه في شراهة.. قالوا: ((أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير!!))، وهذا ما ترونه الآن.. قال: ((ولكنكم غثاء، كغثاء السيل، لا يبالي الله بكم !!)).. وغثاء السيل الدفيس البتشيلو الموية قدامها.. ليه لا يبالي الله بنا؟؟ لأننا لا وزن لنا.. لأن قلوبنا خالية من "لا إله إلا الله".. نقولها من حناجرنا، ولكنها لا تؤثر في تفكيرنا، ولا في أخلاقنا، ولا في تعاملنا.. وحديث النذارة الآخر!! قال: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم، شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه.. قالوا: أأليهود، والنصارى؟؟ قال: فمن؟؟)) منو يعني غير اليهود، والنصارى؟؟ نحن، في الوقت الحاضر، زي ما قلنا، بنعيش على المدنية الغربية، وبنحاول أن نكسب القرش بأي سبيل.. نحن بنمشي للجامع، وبنصلي، وبنحج، وبنصوم، لكننا بنتعامل بالربا، وبنغش، وبندلس، في السوق، ولا يمكن أن تجد في السوق أخلاق الإسلام.. فنحن، في الوقت الحاضر، لسنا مسلمين، وإنما أدركتنا النذارة.. والأمر واضح برضو، إذا كان لاحظتم حالنا مع اليهود، مثلا.. نحن مائة مليون، أو أكثر، حول اليهود.. اليهود، في الوقت الحاضر، يمكن يكونوا مليونين ونصف، أو ثلاثة ملايين، هزمونا أربع مرات، ولا نزال، لغاية الآن، نقف موقف المهزومين.. إذا كنا نحن مسلمين، ونحن مؤمنين، موعود الله ما بتخلف، فإنه قد قال تعالى: ((وكان حقا علينا نصر المؤمنين)).. ((كان حقا علينا نصر المؤمنين)).. ما يكون حقا على الله لا بد أن ينفد.. إذا تأخر نفاذه فيجب أن ننظر في أنفسنا.. ((إن تنصروا الله ينصركم، ويثبت أقدامكم..)) دا برضو واضح.. فنحن ما ينبغي أن نسير في عماية.. فإننا لا يمكن أن نكون راضين عن أنفسنا ثم يحدث التغيير.. النقطة دي يجب أن تكون واضحة، لأنك انت لو كنت راضيا عن نفسك، وبتفتكر أنو ما ناقص ليك شيء، وأنك انت مسلم، وأنك انت بخير، تبقى قضية التغيير انهزمت، من الوهلة الأولى.. نحن حريصين، كل الحرص، أن نبين الأمر دا للناس.. هذه هي المسألة الأولى..