محمود محمد طه
الديـن
والتنمية الاجتماعية
- الطبعة الأولى -
ذو الحجة 1394 – ديسمبر 1974
الإهـــداء:
إلى الناس !! كل الناس !!
و إلى العلماء منهم بشكل خاص ..
إن الزمان قد استدار ، استدارة كاملة ، فعاد كهيئته ، يوم خلق الله الإنسان ، دودة بين الماء والطين !!
يومئذ قام تحدي البيئة الطبيعية له بصورة حاسمة !!
التحدي ؟؟ أما أن يحدث تواؤماً بينها وبينه ، أو ينقرض !!
و الآن !! فإنه ، بتمام هذه الإستدارة الزمانية ، يعود هذا التحدي بكل حسميته ، بيد أن عنصراً جديداً قد دخل الميدان ، ذلك إنّا اليوم نعرف حقيقة هذه البيئة التي تواجهنا بكل هذا التحدي الرهيب ، بعد أن كنا نجهلها أمس ، كل الجهل !!
إن بيئتنا الطبيعية ليست بيئة مادية ، كما نتوهمها ، إلى اليوم !!
إنها ، في الحقيقة ، بيئة روحية ، ذات مظهر مادي !! إنها إرادة الله تجسدت !!
و التحدي الذي تواجهنا به هذه البيئة اليوم إنّما يتخذ صوراً عديدة !!
منها ، فيما نحن بصدده من الحديث عن التنمية الاجتماعية ، الانفجار السكاني ، الذي يتهدد أهل الأرض بالإنقراض جوعاً ، إذا لم تتم المواءمة ، بين هذه الحياة الحديثة ، وبين هذه البيئة القديمة ، الحديثة!!
و لا تتم المواءمة بتحديد النسل ، كما يظن بعض العلماء !! لا !! ولا هي تتم بهذا ، وبالاعتماد على العلم المادي ، التجريبي ، وحده ، في زيادة إنتاج الغذاءت !!
و إنما هي تتم بالاعتماد على العلم المادي ، وبالاعتماد على العلم بالله الذي به سنملك القدرة على تجاوز العلم المادي !!
و بتجاوز العلم المادي هذا نصل إلى "العلم" ، ذلك العلم الذي ، بالحياة بمقتضاه يتم التواؤم بين حياة الإنسان الحديث ، وبين بيئته هذه القديمة ، الحديثة !!
يومئذ ، ويومئذ فقط ، يحيا الأحياء ، وكل نفس في سلام مع نفسها ، ومع بقية الأحياء ، والأشياء !!